ملخص الدرس / الأولى ثانوي/العلوم الشرعية/القرآن الكريم والحديث الشريف/مقدّمة في علوم القرآن

تعريف القرآن الكريم

لغة : مصدر بمعنى القراءة 

ب- اصطلاحا : القرآن الكريم هو كلام الله عز وجل المنزل على محمد صلى الله  عليه وسلم لاللفظ العربي المتعبد بتلاوته المنقول الينا بالتواتر المعجز بلفظه و معناه .هذا التعريف يتضمن عدة معان أهمها مايلي : 

إن القرآن الكريم موحى به من الله تعالى الى الرسول صلى الله عليه و سلم و ليس لرسول الله فيه أي دور إلا البيان و التبليغ .

 إن القرآن الكريم كلام عربي فليس فيه اللغة العربية و إن وجد فيه كلمات ظاهرها غير عربي فقد قال العلماء إنها معربة أي منقولة الى العربية أو أنها مما توافق اللغتان مثل استبرق سندس و نحوذلك .

 إن القرآن الكريم متعبد بتلاوته بمعنى أن مجرد تلاوته فيها الثواب من الله تعالى .

 التواتر : و معناه أن القرآن الكريم نقل إلينا من رسول الله صلى الله عليه و سلم بالتواتر أي نقلته الجموع الغفيرة عن مثلها من رسول الله الى يومنا بحيث لا يمكن أن تتفق هذه الجموع على الكذب 

 الإعجاز : فقد تحدى القرآن الكريم العرب أن يأتوا بمثله أو بمثل سورة منه و عجزوا عن ذلك رغم شهرتهم بالبلاغة و الفصاحة و البيان بل هو أعز ما يملكون من المفاخر و التراث هذا و ما زال تحدي القرآن الكريم للبشر جميعا قائما و قد عجز الجميع عن الإتيان بمثل شيء من القرآا الكريم سواء بلاغته و فصاحته و تشريعه و نظمه أوأخبار الغيبية أو إشاراته العلمية . و هذا كله يدل على الكتاب يدل بوضوح على أنه تنزيل من رب العالمين و ما ينبغي له يكون كلام البشر  .

 

 

 

 

 

 

 

الفرق بينه و بين الحديث القدسي

يمكن تلخيص الفروق فيمايلي : 

القرآن الكريم نعجز من أوجه كثيرة و هو معجزة باقية على ممر الدهور بخلاف الحديث القدسي . 

القرآن محفوظ من التغيير و التبديل كما يحرم مسه للمحدث و تلاوته انحو الجنب بخلاف الحديث القدسي 

القرآن محفوظ من التغيير و التبديل مكا يحرم مسه للمحدث و تلاوته لنحو الجنب بخلاف الحديث القدسي 

حرمة روايته بالمعنى و نتلةه في الصلاة بخلاف الحديث القدسي 

تسميته قرأنا و القطعة منه أية و سورة و هو مقسم على سور و أجزاء و أحزاب و آيات بخلاف الحديث القدسي .

بكل حرف منه عشر حسنات -أي - بتلاوته بخلاف الحديث القدسي . 

 أن القرأن الكريم بوحي جلي بواسطة جبريل عليه السلام كما سبق بيانه بخلاف القدسي . 

 أن القرأن الكريم بوحي جلي بواسطة جبريل عليه السلام كما سبق بيانه بخلاف القدسي 

 جاحد القرأن يكفر -لثبوته بالتواتر - بخلاف جاحد الحديث القدسي 

القرأن الكريم نقل الينا بالتواتر بجميع ألفاظه و كلماته و حتى أسلوبه و صناعته بخلاف الأحاديث القدسية 

تعريف الوحي

لغة : الخفاء و السرعة 

اصطلاحا : هو استقبال من الرسول لحقيقة غيبية خارجة عن فكرة و شعوره النفسي ممثلة بجبريل عليه السلام .

 

 

أقسام الوحي

أ- أقسامه في الللغة : الوحي بمعناه اللغوي يتناول معان عدة : 

1- الاهام الفطري للإنسان : كالوحي الى أم موسى قال تعالى : " وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ....." القصص 7 

2- الالهام الغريزي للحيوان : كالوحي الى النحل قال تعالى : " وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ " النحل 68

3- الإشارة السريعة على سبيل الرمز و الايحاء : كإيحلء زكريا عليه السلام فيما حكاه القرآن الكريم منه قال تعالى : " فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا" مريم 11

4- وسوسة الشيطان و تزيينه الشرفي نفس الإنسان : قال تعالى : ...وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ..." الانعام 121

- ما يلقيه الله جل جلاله الى ملائكته من أمر ليفعلوه : قال تعالى : " إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ...." الانفال 12

5- وحي الله سبحانه تعالى الى انبيائه عليهم السلام : قال تعالى : " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ....." الكهف 110

ب- أقسامه في الاصطلاح الشرعي : ينقسم الوحي يمعناه الاصطلاحي الى قسمين أساسين : 

1- وحي الله سبحانه تعالى الى ملائكته عليهم السلام 

2- وحي الله سبحانه تعالى الى رسله من البشر عليهم السلام 

 

1- وحي الله سبحانه و تعالى الى ملائكته عليهم السلام : الذي يهم بحثه هنا هو معرفة كيف أوحى الله سبحانه و تعالى بالقرآن الكريم الى جبريل عليه السلام ليبلغه الى الرسول صلى الله عليه و سلم 

2- محي الله سبحانه تعالى الى رسله من البشر عليهم السلام : وحي الله سبحانه و تعالى الى رسله من البشر على نوعين : 

النوع الأول : الةحي بغير واسطة و هو قسمان : 

1- الرؤيا الصادقة : و كانت مبدأ وحيه صلى الله عليه و سلم و كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح 

2- كلام الله جل جلاله له منه اليه بلا واسطة ملك : كما كلم الله سبحانه و تعالى موسى عليه السلام و هذه المرتبة هي ثابتة لموسى عليه السلام قطعا بنص القرأن قال تعالى : " ....وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا" النساء و ثبوتها لنبينا صلى الله عليه و سلم في حيث المعراج 

النوع الثاني : الوحي الى الرسل عليهم السلام بواسطة الملك : 

1- ماكان يلقيه الملك في روعة و قلبه من غير أن يراه كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلن : " ...و لإن الروح الأمين نفث في روعي ..." رواه البيهقي 

2- أنه صلى الله عليه و سلم كان يتمثل له الملك رجلا فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له 

3- لأنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس و كان أشده عليه فليتلبس به الملك حتى إن جبينه ليتفصد عرقا في اليوم الشديد البرد و حتى إن راحلته لتبرك به الى الارض إذا كان راكبها ,

4- أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها فيوحي اليه ماشاء الله سبحانه و تعالى أن يوحيه و هذا وقع له مرتين كما ذكر الله سبحانه و تعالى ذلك في سورة النجم (آية 7-13) 

أنواع الوحي

للوحي بمعناه اللغوي معان متعددة و له بمعناه الاصطلاحي حي الشرعي نوعان أساسيان و إليك بعض التفصيل لجميع هذه الأنواع : 

 الوحي بمعناه اللغوي : لقد ورد استعمال كلمة الوحي في القرآن الكريم بمعان كثيرة منها : 

الإلهام الفطري للإنسان : و ذلك كالوحي الى موسى عليه السلام قال الله تعالى لها : " وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ" سورة القصص: 7 

الإلهام الغريزي : للحيوان : كالوحي الى النحل في قوله تعالى : " وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ " سورة النحل : 68 

الإشارة السريعة : كما حكى الله تعالى عن زكريا عليه السلام في مخاطبته لقومه الله تعالى " فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا " سورة مريم : 11

وسوسة الشيطان و تزيينه الشر بنفس الإنسان : قال الله تعالى : "وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ۗ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْأَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ" سورة الأنعام : 121

وحي الله تعالى الى ملائكته بالأمر يفعلونه : " إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ  " سورة الأنفال : 12 

وحي الله الى أنبيائه و رسله من البشر قال الله تعالى : " قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ " سورة كهف : 110 

الوحي بمعناه الإصطلاحي الشرعي , ينقسم الوحي بمعناه الاصطلاحي الى قسمين أاساسين : 

وحي الله الى ملائكته :و الذي يهمنا بحثه هنا هو أن نعرف كيف أوحى الله تعالى بالقرأن الكريم الى جبريل عليه السللام ليبلغه بالنتالي الى رسول الله صلى الله عليه و سلم .

وحي الله الى رسله من البشر:أما وحي الله تعالى الى رسله من البشر فهو نوعين : 

النوع الأول : الوحي بغير واسطة و هو قسمان : أولهما الرؤيا الصالحة في النوم فعن عائشة أم المؤمنين انها قالت (( أول ما بدئ به رسول الله صلى الله ليه و سلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب اليه الخلاء و كان يخلو بغار حراء فيتحدث فيه و هو التعبد و الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع الى أهله و يتزود لذلك ثم يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق و هو في غار حراء ....)) متفق عليه . 

ثانيهما : الكلام الإلهي من وراء حجاب يقظة لا في المنام و هو ثابت لسيدنا موسى عليه السلام في قوله تعالى " وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا" سورة النساء : 164 كما ثبت تكليم الله تعالى لسيدنا محكد صلى الله عليه و سلم ليلة الإسراء و المعراج بدزن واسطة على الأصح من أقوال أهل العلم . 

النوع الثاني : الوحي الى الرسل بواسطة الملك و لا يخلو هذا الملك و لا يخلو هذا النوع عن إحدى حالتين : 

 الأولى : أن يأتي الملك الى الرسول صلى الله عليه و سلم مثل صلصة الجرس و الصوت القوي فيثير فيه عوامل الانتباه فتتهيأ النفس بكل قواها لتلتقي أثره .

الثانية : أن يتمثل الملك بصورة رجل و يكلم النبي صلى الله عليه و سلم و هذه الحالة أخف على النبي |أخف على النبي من سابقتها .

و في الحديث : عن الحارث بن هشام صلى الله عليه و سلم سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يارسول الله كيف يأتيك الوحي فقال رسول الله (( احيانا يأتيني مثل صلصة الجرس و هو أشده علي فيفصم عني و قد و عيت ما قال و أحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول )) قالت عائشة رضي الله عنها (( و لقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه و إن جبينه ليتصفد عرقا )) رواه البخاري . 

السند

قال الله تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ . سورة المائدة 48 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله :إني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي.رواه الحاكم 

معاني الكلمات

المعنى  الكلمة 
أي من الكتب السابقة بين يديه من الكتاب 
تزيغوا، تبتعدوا عن الصراط المستقيم تضلوا
حاكما عليه مهيمنا عليه

خصائص القرآن

من خلال التعريف الإصلاحي للقرآن الكريم يمكن استخلاص خصائصه التالية :

أنه كلام الله تعالى لفظا ومعنى بلسان عربي مبين .

أنزله الله تعالى على نبيه محمد بواسطة الأمين جبريل عليه السلام .قال الله تعالى : وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195).سورة الشعراء 

حفظه الله تعالى بأن هيأ نقله عبر الأجيال بالتواتر ، أي جماعة كبيرة يستحيل تواطؤ أفرادها على الكذب تنقله عن مثلها.

تلاوته تعتبر عبادة ، ويقرأ في الصلاة ،وأحكامه واحكامه واجب اتباعها وتطبيقها.

أنه معجز من عدة وجوه ، كالبلاغة ،والإخبار عن الغيبيات ،والحقائق العلمية ، وتشريعاته الحكيمة. قال الله تعالى: قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء

حجية القرآن

القرآن الكريم يعتبر المصدر الأول للتشريع في الإسلام ،وهو حجة لنا أوعلينا ، وقد ثبتت هذه الحجية ب: 

القرآن الكريم : قال الله تعالى : إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105). النساء

السنة النبوية: كقوله تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه. رواه مالك 

المعقول : وهو أن الله تعالى قد خلق الإنسان ، وتكفل بهدايته بأن شرع له ما يجلب له فكان أن أنزل إلينا القرآن الكريم 

نزول القرآن الكريم

أنزل القرآن الكريم على رسول الله مفرقا على إمتداد ثلاث وعشرين سنة، بحسب الوقائع والأسباب ، قال الله تعالى: وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا (106).سورة الإسراء

وفي ذلك حكم جليلة تجملها فيما يلي: 

تثبيت فؤاد النبي :فقد وجد من قومه نفورا وقسوة ، وتعرض للأذى والعنت ، رغم رغبته الصادقة في إبلاغهم الخبر الذي يحمله إليهم ، فكان نزول القرآن عليه مفرقا تثبيتا له وتخفيفا عنه، فتارة تنزل آية تأمره بالصبر ، وتارة تنزل أخرى تقص عليه ما لاقاه أنبياء قبله من الأذى .وقد تعجب الكفار من نزول القرآن مفرقا ، فقالوا: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ۚ.

فرد عليه الله تعالى في نفس الآية بقوله : كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ۖ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32). الفرقان 32 

تيسير حفظه وفهمه : فقد نزل على أمة أمية لا تعرف القراءة والكتابة ، فما كان لها أن تحفظ القرآن الكريم كله بيسر لو نزل جملة واحدة.

مسايرة الحوادث والتدرج  في التشريع : فقد بدأ يتناول أصول الإيمان حتى يستأصل من نفوس  البشر العقائد الوثنية ، ثم تدرج في علاج ما تأصل في النفوس من أمراض إجتماعية ، بعد أن شرع لهم  من فرائض الدين وأركان الإسلام ما يجعل قلوبهم عامرة بالإيمان ، ومستعدة لقبول هذا التشريع.

الدلالة القاطعة على أنه تنزيل من حكيم حميد: فقد نزل على إمتداد ثلاث وعشرين سنة ، تنزل الآيات على فترات من الزمن، يقرأه الإنسان ،ويتلو سوره ، فيجده محكم النسج ، مترابط المعاني ، رصين الأسلوب ، متناسق الآيات والسور ، كأنه عقد فريد نظمت حباته بما لم يعهد له مثيل في كلام البشر، لافرق في ذلك بين أول ما نزل منه وبين أخر ما نزل منه .قال الله تعالى:  الر ۚ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1).سورة هود 

أ

جمع القرآن الكريم

يطلق جمع القرآن الكريم ويراد به أحد معنيين، وهما: 

حفظه: وهذا المعنى هو الذي ورد في قول الله تعالى: لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17)فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ( 18).سورة القيامة 

أي إن علينا أن نجمعه في صدرك ثم نقرأه .فكان الرسول بذلك أول الحفاظ ، ثم تبعه الصحابة فحفظوه ، ووعته القلوب .

كتابته: كان القرآن يكتب على عهد رسول الله ، حيث اتخذ كتابا للوحي من أجلاء الصحابة كعلي ومعاوية وأبي بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهما ، تنزل الآية فيأمرهم بكتابتها . ولم تكن هذه الكتابة مجتمعة في مصحف واحد ، إلى أن جاء عهد خلافة أبي  بكر الصديق رضي الله عنه ، الذي خشي على القرآن الكريم بسبب وفاة الكثير من القراء في حروب الردة ، فأرسل إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه، وكلفه بجمع القرآن الكريم  في مصحف واحد ، معتمدا على المحفوظ في صدور القراء والمكتوب لدى الكتبة . بقيت تلك الصحف عند أبي بكر رضي الله عنه ، حتى إذا توفي صارت بعده إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وظلت عنده حتى مات ، ثم كانت عند حفصة ابنته رضي الله عنها حتى طلبها عثمان رضي الله عنه منها.

ولما اتسعت الفتوحات الإسلامية في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه وتفرق القراء في الأمصار ، وأخذ كل مصر عمن وفد إليهم قراءته ، ووجوه القراءة مختلفة بإختلاف لهجات العرب التي نزل عليها ، فكانوا إذا ضمهم مجمع أو موطن عجب البعض من وجوه هذا الإختلاف، حتى وصل الأمر بالبعض إلى الخطأ في القراءة، حينئذ فزع عثمان رضي الله عنه ومن معه من كبار الصحابة إلى جمع القرآن ونسخه على القراءة الثابتة على حرف واحد بلسان قريش .