ملخص الدرس / الثالثة ثانوي/فلسفة/إدراك العالم الخارجي/الإحساس و الإدراك

المقالة 01

مقدمة : 

ان اتصال-الانسان بالعالم الخارجي وذلك لتحقيق التكيف والتاقلم معه والوصول الى حقيقة الاشياء ,يكون تارة عن طريق الاحساس وتارة اخرى عن طريق الادراك ,فالإحساس هو عملية اولية وبسيطة ينتج عن تاثر احدى الحواس بمنبه خارجي , اما الادراك فهو عملية عقلية معقدة يهدف الى تفسير وترجمة المعطيات الحسيية واعطاءها صورة ومعنى, لكن علاقة الاحساس بالادراك وقع فيها جدال بين الفلاسفة والمفكرين ,فهناك من يرى انه يجب الفصل بينهما وبنقييض ذالك فهناك من يرى أنه يستحيل ذالك , ومن هذا الاختلاف والتباين في الافكار تطرح المشكلة التالية :هل يمكن التمييز بين الاحساس والادراك؟ وبعبارة اخرى هل ثنائية الاحساس والادراك يقتضي ضرورة الفصل بينهما ؟

وفيمايلي فيديو تعليمي حول الدرس:

الموقف الأول :

يرى "انصار النظرية العقلية والحسيبة اته من الضروري التمييز بين الاحساس والادراك، سواء من حيث الطبيعة او القيمة , فالاحساس مرتبط بالبدن كونه حادثة فيزيولوجية و.لايمدنا بالمعارف , بينما الادراك ,هوعملية عقلية يعتمد على٠عدة وظائف٠عليا كالتأويل والتفسير والحكم وهو الجوهر الاساسي لجميع معارفنا قال ديكارت: اني ادرك بمحض ما في ذهني ما قوة الحكم ما كنت أحسب أني أرى بعيني".لأن أفكار العقل فطرية و صادقة و يقينية و لا يتطرق إليها الشك أبدا .و ما يبرر إمكانية الفصل نقص الحواس و خداعها. قال ديكارت "الاحاسيس انما هي افكار غامضة مبهمة لا تؤدي إلى اليقين الذي نتوخاه". و لهذا عندما ندرك الأشياء فإننا ندركها على حقيقتها لا حسب ما تبدولنا في الخارج ومثال ذلك :العصا المغمورة في الماء تبدوبالعين المجردة منكسرة وهي ليست حادثة فعلية في اذهاننا ,كما اننا نرى الشئ يزيد حجمه حينما يقتررب منا او ينقص عندما يبتعد عنا دون ان٠نعتقد بان ذلك يمثل حقيقة و أبشسط مثال  يوضح هذه المعطيات مكعب الآن فنحن عندما نرى الشكل نحكم عليه بأن له ثلاثة أوجه و ستة أضلاع ،لكن في حقيقة الامر وعن طريق الخبرة السابقة والتاويلات العقلية تستنتج ان للمكعب ستة اوجه واثنا عشرة ضلع وهذا ما يؤكد ان ادراك ذالك يخضع للمعطيات الحسية بل راجعا الى الحكم العقلي قاًل الان"الانسان يدرك الاشياًء ولا
يحس"
ومن جهة اخرى نرى ايضا المناظر التي نشاهدها خاصة في اللوحات الفنية ,اننا نرى في الواقع بعدان هما: الطول و العرض.لكن مع ذلك ندرك بعدا ثالثا يسمى بالعمق و البروز و يتأتى ذلك من خلال تأويل المعطيات الحسية   والحكم عليها بالعقل قال الان"٠٠٠والذي يشهد على اني احكم على 'الرسامين يعرفون كيف يمدحونني ذلك الادراك لجبل بعيد بمحاكاة المظاهر على اللوحة ٠٠٠" ويؤكد بركلي ان الاعمى اذا استعاد بصره بعد عملية جراحية فستبدوله الاشياء لاصقة بعينيه ويخطئ في تقدير المسافات والابعاد، لانه ليس لديه فكرة ذهنية او خبرة مسبقة وحالة الاعمى تماثل حالة الصبى في مرحلة اللاتمايز ,فلا يميز بين يديه والعالم الخارجي ,ويمد يديه لتناول الاشياء البعيدة لانه يخطئ ايضا في تقدير المسافات لانعدام الخبرة قال بركلي "ان تقدير مسافة الاشياء البعيدة جدا ليس احساسا بل حكما ٠٠٠" وقال وليام جيسس "لا يمس الانسان الراشد الاشياء بل يدركها " اما الحسيين فيؤكدون على ضرورة التمييز ويرون ان الحواس هي الاصل الاول لإدراك العالم الخارجي وان كل ما يحصل لدينا من معارف ومكتسبات صادرة عن التجربة الحسية لانها معرفة بعدية تكتسب بالتجربة قال دافيد هيوم: "إن الحواس نوافذ عملاقة يطل منها العقل لإدراك العالم الخارجي".وفي نفس الشئ يؤكد ارسطو ان الحواس هي منافذ الانسان الاولى على العالم الخارجي حيث قال ”الاحساس ليس معرفة لكن من فقد حاسة فقد المعرفة المتعلقة بها". بعكس العقل الذي يختصر دوره في تنظيم الاحساسات ,ويرى دافيد هيوم ان افكارنا عن العالم الخارجي ماهي سوى نسخة من انطباعاتنا الحسية والمقصود بالانطباعات المعطيات الحسية المباشرة التي تتكون في الذهن نتيجة اتصال احدى الحواس بمؤثر ما في العالم الخارجي ,كالانطباع الذي يحدئه اللون الاخضر عندما نوى الشجرة في الحديقة ,فأثر 
الذات سلبي تماما ينحصر في تلقي المعطيات الحسية على صورة انطباعات والاحتفاظ بصور هذه الانطباعات على شكل صورة وافكار و ترتيبها ونقلها من البسيط الى المركب حيث قال ”ان علمنا بانفسنا وعقولنا يصلنا عن طريق الحواس وما العقل الا مجرد اثر من اثار العادة وعلى هذا الاساس ميز بين نوعين من الافكار :البسيطة والمركبة هذه الاخيرة من صنع الفكر اما البسيطة ممصدرها الحواس حيث قال في هذا الصدد ”انا لست الا حزمة من الادراكات الحسية كل الفكار نسخ مباشرة او غير مباشرة من الانطباعات الحسية".لهذا انكر الحسيين الافكار الفطرية وآمنوا بالخبرة  المكتسبة وعليه ميز العقليين بين الاحساس والادراك من حيث طبيعة وقيمة المعرفة المتأتية من كلاهما , والحسيين أيضا يقرون بضوورة التمييز بين الاحساس والادراك ولكن ليس بالنظر الى طبيعة او قيمة
كل منهما بل النظر الى درجة وشدة التعقيد فيهما.

 النقد :

على الرغم مما قدمه انصار هذا الاتجاه من أنه من الضروري التمييز بين الإحساس و الإدراك و أنه هناك إمكانية  للفصل بينهما ,الا انه في حقيقة الامر لا يمكن الفصل بين العمليتان لأنه لا يمكن تصور وجود أي عملية إدراكية دون المرور على العملية الحسية ولا يمكن للانسان ان يدرك أو يعقل شيئ دون أن تحس به أعضائه الحسية فالإحساس و الإدراك و جهين مختلفين لظاهرة نفسية واحدة فلا يمكن الإعتماد على العقل وحده لأنه قد يخطئ في أحكامه بسبب التأثر بالميول و الرغبات و العواطف ، كما أنه لا يبدع المعرفة من المعرفة بل يستمدها من الواقع الحسي بواسطة الحواس كما لا يمكن الإعتماد على الحواس وحدها لأنها كثيرا ما تخدعنا و تعطينا معارف ناقصة و كاذبة من هنا يبرز صعوبة التفريق بينهما بشكل مطلق .و هذا ما يؤكده علم النفس الحديث .قال التهانوي:"الإحساس قسم من الإدراك".  
والادراك وجهين مختلفين لظاهرة نفسية واحدة,فلا

 الموقف الثاني : 

يرى انصار النظرية الغشطالتية والظواهرية انه يستحيل الفصل بين الاحساس والادراك , لانهما شيء واحد، ولهما علاقة اتصال وظيفي وعليه نادت الغيشطالت ان شكل الخارجي للموضوع وبناءه العام هو الذي يحدد درجة الادراك والذي يكون بصورة كلية وشاملة ,فلادراك الحسي ناتج عن انتظام الاشياء في المجال الادراكي بمعنى أننا ندرك الصورة الكلية قبل العناصر الجزئية, أي ان الادراك كل منسجم ومتشكل على شكل هيئة واحدة يندمج فيها الشخص مع الشئ المدرك في وحدة متكاملة قال بول غيوم:" إن الوقائع النفسية صور أي وحدات عضوية تنفرد وتتحد في المجال المكاني والزماني للادراك وتخضع الصور بالنسبة للادراك لمجموعة من العوامل الموضوعية",وعلى هذا الاساس فالعالم الخارجي يوجد على شكل صيغ منتظمة وفق قوانين معينة وهذا التنظيم روض نفسه على العقل، لان الادراك ليس تجميع للاحساسات بل انه وحدة منظمة ومتماسكة من مجموعة من العناصر والاجزاء المتفاعلة وقال جان بياجه ”ان الفكرة الاساسية في نطرية الصور هي ان الانساق الذهنية ليست مكونة من تاليف او اجتماع عناصر معطاة في حالة انعزال قبل اجتماعها بل هي دائما جمل منتطمة منذ البداية في صورة او بنية شاملة ".

ولقد اكد الغيشطالت ان الادراك هو غزو الموضوع لذواتنا ,فالموضوع يفرض علينا طريقة ادراكه كوحدة كاملة ,انه ادراك كلي لوحدة الشئ من اول وهلة ورؤية الشكل تسبق عناصره فنحن لا ندرك الاوراق ثم الاغصان ثم الجذع واخيرا الشجرة بل اتنا تدرك الشجرة ككل قبل ان تدرك تفاصيلها قال بول غيوم "ليس الادراك تجميعا للاحساسات بل هو وحدة واحدة " وقال فيرتهايمر "ان الحقيقة الرئيسية في المدرك الحسي ليس العناصر والاجزاء التي يتالف منها الشئ بل شكله وبناءه العام ", وعليه فحقيقة الشيء المدرك ليست الاجزاء التي يتالف منها بل شكله وبناءه العام لان الجزء لا يكتسب معناه الا داخل هذه القوانين هي قاتون التشابه : ومعناه ان الاشباء في الشكل أو اللون او الحجام تكون سهلة اللادراك ونميل في ادراكها كصيغ متميزة على غيرها اذ يسهل علينا مجموعة من الجنواد او رجال الشرطة او لاعبي فريق واحد في كرة القدم لتشلبه الزي  دالاضافة الى ذلك هناك قانون التقارب: و هو أن الموضوعات و الأشياء القريبة في الزمان و المكانتميل إلى إدراكها بشكل كلي، و مثال ذلك فكرة الرسوم المتحركة تقوم على التقارب بين مجموعة من الرسوم فتبدو لحاسة البصر كانها تتحرك , قال جان بياجي "...ولماذا اذا راينا ثلاث او اربع نقط متقاربة بدل النقطة الوادة لم نستطع ان نمنع انفسنا من جمعها في صورة تقديرية من المثلثات او المربعات ؟ذلك ان العناصر المدركة في مجال واحد يقع ربطها مباشرة في بنيات شاملة تخضع لقوانين معينة هي قوانين الانتظام..." باضافة الى ذلك هناك قانون الشكل والارضية ،وهو ان كل موضوع في العالم الخارجي للهيكل وخلفية تساعد في حصول عملية الادراك , مثلما نرى  السفينة فوق البحر فيعد البحر ارضية والسفينة شكلا لكن الشكل متميز عن الخلفية على اساس ان الشكل يكون له اتساق وتلاؤم في مكوناته ووضوح في إدراكه بخلاف الأرضية التي تكون بلا شكل معين و محدد و غير منتظمة و باهتة قال جان بياجه:"إن نقطة سوداء واحدة إذا رأيت على ورقة كبيرة، فإنه لا يمكن إدراكها كعنصر منعزل،مهما كانت وحيدة إذ تنفصل بصفتها شكلا على خلفية تكونها الورقة...".كذلك قانون الإغلاق و هو أن الأشياء الناقصة نميل إلى إدراكها كأشياء تامة أي نميل إلى ملء الفجوات الموجودة فيها ، مثل إدراكنا الكلي للكلمة و حتى و إن كان ينقصها حرف ، و عليه فالعوامل الموضوعية تساهم بشكل كبير في التحكم في إدراكنا للموضوعات العالم الخارجي.

أما النظية الظواهرية فترى أن الإدراك ليس تأويل الإحساس بل هو إمتلاك المعنى الداخلي للمحسوسات بمعنى أن إدراكنا مرتبط بما يظهر لنا و ما نشعر به لذلك،لذلك فهي ترفض الفصل بين الذات المدركة التي ينتج عنها الشعور و الموضوع المدرك و هو موضوع الشعور، قال ميرلوبونتي:" الإدراك هو ذلك الإتصال الحيوي بالعالم الخارجي الذي يجعله حاضرا لنا بصفته و مكانا مؤلوفا...منه يستمد موضوعه ، إذ أنه نسيج قصدي يعمل ساعيا إلى المعرفة، و من خصائص الشعور:الإستمرارية و التغيير، لذلك فإدراكنا للأشياء الخارجية لابد من أن يتغير بتغير شعورنا ، و إن كانت هذه الأشياء في حد ذاتها ثابت.قال ميرلوبونتي:" إن إدراكنا للأشياء ليس ثابتا بل هو متغير بتغير شعورنا فالثابت هو الأشياء فقط أما الشعور فهو متغير فعليه فالإدراك متغير"فمثلا :   إدراكي لأسد في القفص في حديقة الحيوانات يختلف عن ادراكي له في الغابة وهذا ما اوضحه هوسرل في قوله " ارى بلا انقطاع هذي الطاولة سوف اخرج وأغير مكاني ويبقى عندي بلا انقطاع شعور بالوجود الجسمي، الطاولة واحدة في ذاتها لا تتغير وان ادراكي لها يتنوع ويتغير " ومعنى هذا ان ادراكي للطاولة متعدد اذ يمكن ان ادركها من الناحة الجمالية او من ناحية منفعتها وغيرها ,لهذا فالادراك حسب الظواهرية قائم من خلال عاملين او شرطين هما:القصدية والمعايشة، فالقصدية تعنى توجيه الوعي والشعورنحو موضوع قال هوسرل "كل ادراك هو ادراك لموضوع ما" اما المعايشة فتعنى ان العالم الخارجي الموضوعي والمحسوس ليس ما افكر فيه وانما هو العالم الذي احياه واعيشه بعواطفي كلها كالحب والكره والنفور والفرح والحزن ,فالادراك هو علاقة مباشرة بين الشخص المدرك والموضوع الخارجي الحسي.

 النقد : 

على الرغم مما نادى به انصار هذه النظرية من انه يستحيل الفصل بين الاحساس والادراك، الا ان الواقع يثبت ان كلاهما ذو خصائص متفرقة وان كل لديه خصوصياته في البحث والوصول الى الحقيقة،وإن تكلمنا عن منطلق الفصل فهو صالح فقط من الناحبة الصورية فقط، اما من الناحبة العملية فيستحيل ذلك نظرا للتداخل الكبير بينهما. قال كانط "لولا الاحساس لما ادراكنا اي موضوع ،ولولا الذهن لما تذهنا اي موضوع فلا الذهن يستطيع ان يتذهن شيئا،ولا الحواس تستطيع ان تتذهن شيئا ،ان المعرفة لا تحصل الا باتحادهما "٠

 التركيب :

ان الفصل بين الاحساس والادراك امر يستحيل اثباته، فالاحساس والادراك في حقيقة الامر وجهان مختلفان لعملية نفسية واحدة، فلا يمكن للادراك"ان يتصل بشيء ليعطيه معناه دون ان تكون له وسائط تربطه بالعالم الموضوعي وتلك الوسائط هي الاعضاء الحسية والتي تمثل عملية الاحساس ولا يمكن ان يكون هناك أي معنى للصور الذهنية التي تنقلها الينا الاعضاء الحسية اذا لم تتوج بتحليل وتفسير وبداء معنى لها عن طريق ادراكها و تعقله . و رأي الشخصي أن العلاقة بين الاحساس والادراك من الناحية المنطقية والواقعية هي علاقة تكامل وتداخل ولا يمكن الفصدل بينهما.

 الخاتمة :

وفي الاخير نستنتج انه يستحيل الفصل بين عملية الإحساس و الإدراك من الناحية الواقعية لأنهما متكاملان كما لا يجب تغليب عامل على اخر لان هذا الفصل او التغليب ناشئ عن تفسيرات مذهبية أو مقتضيات ذاتية فقط، أما من الناحية الواقعية فلا يمكن ان نتحدث عن ذلك الفصل قال توماس: الإدراك هو الإحساس المصحوب بالإنتباه

المقالة 02

مقدمة :

يستعين الانسان للحفاظ على بقاءه والتكيف مع العالم الخارجي الذي يعيش فيه بعدة وظائف نفسية و قدرات عقلية لعل اهمها الادراك الذي هو عملية عقلية معقدة يهدف الى تفسير وتؤويل المعطيات الحسية واعطاءها صورة و معنى .لكن طبيعته وقع فيها جدال بين الفلاسفة والمفكرين ,فهناك من يرى انه مجرد نشاط ذاتييخضع لعوامل ذاتية متعلقة بالشخص المدرك، وبنقيض ذلك هناك من يرى بان راجع الى صورة او بنية الموضوع المدرك المنتظمة, ومن هذا الاختلاف والتباين في الافكار نطرح المشكلة التالية: هل يرجع الادراك الى شروط ذاتية؟ وبعبارة اخرى: هل الادراك عملية عقلية يرتبط بفاعلية الذات او فاعلية الموضوع ؟

وفي مايلي فيديو تعليمي حول الدرس:

الموقف الأول :

يرى انصار هذا الطرح ان العوامل المتحكمة في العملية الإدراكية هي عوامل ذاتية متعلقة بالذات المدركة, فالعوامل العقلية و النفسية تؤثر في عملية الادراك مثل التخيل والتذكر والذكاء والانتباه والخيال وغيرها ,لان المعرفة الادراكية التي تنطلق من العقل ,هي معرفة كلية وكاملة ,فكثيرا ما نحكم على الاشياء حسب حقيقتها لا حسب ما تبدو لنا في الخارج ومثال ذلك العصا المغمورة في الماء تبدو منكسرة ,وهي ليست حادثة فعلية  في عقولنا كما اننا نرى الشيء يزيد حجمه حين يقترب منا وينقص حين يبتعد عنا وهذا ليس صحيح , كل هذا يؤكد خداع الحواس ,قال ديكارت "...اختبارات كثيرة. فوضت شيئا فشيتا كل ما لدي من ثقة بالحواس..." , كما اكد الان على دور العقل في التحكم في العملية الادراكية حيث قال "الانسان يدرك الاشياء ولا يحس" فنحن لا ندرك الاشياء كما تعطيها لنا الحواس بل من خلال العقل ,لان عملية الاحساس جزئية لذلك فهي تخدعنا ومثال ذلك مكعب فنحن عندما ترى الشكل نحكم عليه بان له ثلاثة اوجه وستة اضلاع , لكن في حقيقة الامر وعن طريق الخبرة السابقة والتأويلات العقلية تستنتج أن للمكعب ستة اوجه واثنا عشرة ضلع وهذا ما ئؤكد ان ادراكنا لا يخضع للمعطيات الحسية بل راجعا الى الحكم العقلي ,ويؤكد بركلي ان الاعمى اذا استعاد بصره بعد عملية جراحية فستبدله الاشياء لاصقة بعينيه ويخطئ في تقدير المسافات والابعاد لأنه ليسلديه فكرة ذهنية او خبرة مسبقة ، وحالة الاعمى تماثل حالة الصبي  في مرحلة اللاتمايز ,فلا يميز بين يديه والعالم الخارجي ,ويمد يديه لتناول الأشياء البعيدة لأنه يخطئ أيضا في تقدير" المسافات لأنعدام الخبرة  قال بركلي "ان تقدير مسافة الاشياء البعيدة جدا ليس احساسا بل حكما..." وقال وليام جيمس "لا يمس الإنسان الراشد الاشياء بل يدركها٠" كذلك هناك عوامل أخرى تتحكم في ادراكنا مثل عاملي السن والمستوى الثقافي والتعليمي فالإدراك الراشد للأشياء يختلف عن إدراك الصبي لها , و إدراك المتعلم أو المثقف يختلف بطبيعة الحال عن إدراك الجاهل و نضيف أيضا عامل الإنتباه و التوقع و يقصد به تركيز شعور الشخص في موضوع معين، وعندما يركز انتباهه يكون قادرا بصورة افضل على إيجاد معنى للمعلومات التي جمعها ويستطيع ربطها بخبرته السابقة ,ولا شك ان الشخص لا ينتبه دائما الى جميع مؤثرآت المعالم الخارجي، بل تجذب انتباهه في كل لحظة من لحظات اليقظة مثيرات معينة دون غيرها،هي تلك التي يكون مستعدا.لادراكها، اما ما عداها فتكون بعيدة عن شعوره، بالاضافة الى ذلك نجد التوتر والقلق والميول والرغبات والاهتمام فالذي يكون متوترا وقلقا يكون ادراكه للشيء ليس كالذي يكون فرحا ومسرورا ,فالتلميذ الذي يدخل الامتحان مضطربا يكون ادراكه اقل فاعلية من الذي تكون حالته النفسية مستقرة كذلك ادراك الانسان للاشياء التي يميل اليها ويهتم بها. اي مرتبطة بميوله وعواطفه يكون بسرعة عكس الأشياء التي لا يرغب الطفل فيها .فالطفل العربي يميل دوما إلى رؤية الأشياء من اليسار إلى اليمين لان كتابتهم
تسير بهذا الاتجاه .اما العوامل الحسية ونقصد هنا الحواس التي هي الاصل الاول لإدراك العالم الخارجي وان كل ما يحصل لدينا من معارف ومكتسبات صادرة عن التجربة الحسية لانها معرفة بعدية تكتسب بالتجربة قال دافيد هيوم "إن الحواس نوافذ عملاقة يطل منها العقل لإدراك العالم الخارجي " اما العقل في نظرهم ليس شيئ محددا، بل هو صفحة بيضاء و مرآة تعكس صورة التجربة الخارجية، فلا توجد افكار فطرية وليست ثمة افكار مجردة بل ما يوجد عند الحسيين الخبرات والانطباعات الحسية قال جون لوك "العقل صفحة بيضاء وبالتجربة ننقش عليه ما نشاء " لهذا فالحواس تؤثر في ادراكنا للاشياء وتتحكم فيه وهي تختلف من شخص الى اخر , وهذا راجع الى سلامتها من مرضها فالذي تكون حواسه سليمة يكون ادراكه صحيح والعكس صحيح قال ارسطو "من فقد حاسة فقد المعرفة المتعلقة بها ".ويؤكد هيوم ان افكارنا عن العالم الخارجي ماهي سوى نسخة من انطباعاتنا الحسية والمقصود بالانطباعات المعطبات الحسيبة المباشرة التي تتكون في الذهن نتيجة اتصال احدى الحواس بمؤثر ما في العالم الخارجي، كالانطباع الذي يحدثه اللون الاخضر عندما نرى الشجرة في الحديقة وعلى هذا الاساس ميز بين نوعين من الافكار:البسيطة والمركبة هذه الاخيرة من صنع الفكر اما البسيطة فمصدرها الحواس حيث قال في هذا الصدد "انا لست الا حزمة من الادراكات الحسية كل الفكار نسخ مباشرة او غير مباشرة من الانطباعات الحسية ",وعليه فلولا العوامل الذاتية وانشطتها المختلفة لااختلطت علينا موضوعات العالم الخارجي.

النقد :

على الرغم مما نادت به النظرية الذاتية من ان الادراك يرجع الى العوامل الذاتية , لكن لهذه النظرية عووب ونقائص،حيث فصلت فصلا تعسفيا بين الذات والموضوع , وفصلت بين عمليتي الاحساس والادراك والواقع يؤكد انه لا يوجد فاصل زمني بين العمليتان، وهذا ما يؤكده علم النفس ان المعرفة الادراكية عند الطفل تبدا بالجانب الحسي كمرحلة اولية لتنتقل بالتدريج نحو المجرد ,كما ان العوامل المتعلقة بالذات نسبية ودليل ذلك تغير المعارف الانسانية وتطورها عبر التاريخ بالاضافة الى ان هذه العوامل لوحدها لا تكفي وخاصة اذا كان الشيء المدرك معاق بعوائق خارجية، هذه العوائق تأثر سلبيا في الحصول المعرفة و الإدراك .

الموقف الثاني :

يرى انصار النظرية الغشطالتية ان الادراك يتوقف على العوامل الموضوعية وليست العوامل الذاتية ,فالشكل الخارجي للموضوع وبناءه العام هو الذي يحدد درجة الادراك, فإدراك الحسي ناتج عن انتظام الاشياء في المجال الادراكي بمعنى اننا ندرك الصورة الكلية قبل العناصرالجزئية، أي ان الادراك كل منسجم ومتشكل على شكل هيئة واحدة يندمج فيها الشخص المدرك مع الشيئ المدرك، قال بول غيوم:"إن الوقائع النفسية صور أو وحدات عضوية، تنفرد و تتحد في المجال المكاني و الزماني للإدراك و تخضع الصور بالنسبة للإدراك لمجموعة من العوامل الموضوعية"، وعلى هذا الاساس.فالعالم الخارجي يوجد.علي شكل صيغ منتظمة وفق قوانين معينة وهذا التنظيم يفرض نفسه على العقل، لان الادراك ليس تجميع للإحساسات بل انه وحدة منظمة ومتماسكة من مجموعة من العذاصر والاجزاء المتفاعلة وقال جان بياجه "ان الفكرة الاساسية في نظرية الصور هي ان الانساق الذهنية ليست مكونه من تاليف او اجتماع عناصر معطاة في حالة الإنعزال قبل اجتماعها بل هي دائما جمل منتظمة منذ البداية في صورة أو بنية شاملة". وقد أكد الغيشطالت أن الإدراك هو غزو موضوع يفرض علينا طريقة إدراكه كوحدة كاملة، انه ادراك كلي لوحدة الشيئ منذ الوهلة الأولى و رؤية الشكل تسبق عناصره فنحن لا ندرك الأوراق ثم الأغصان ثم الجذع وأخيرا الشجرة بل أننا ندرك الشجرة ككل قبل أن ندرك تفاصيلها قال بول غيوم :ليس الإدراك تجميعا للإحساسات بل هو وحدة واحدة .قال فيرتهايمر:إن الحقيقة الرئيسية في المدرك الحسي ليس العناصر والأجزاء التي يتألف منها الشيئ بل شكله و بنائه العام وعليه فحقيقة الشيء المدرك ليست الاجزاء التي يتالف منها بل شكله وبناءه العام لان الجزء لا يكتسب معناه الا داخل الكل وهذا الكل ينظم وفق تعرف بقوانين تنظيم المجال الإدراكي ومن خلالها ينتظم  العالم الخارجي. هذه القوانين هي قانون التشابه، ومعناه أن الأشياء المتشابهة في الشكل اواللون او الحجم تكون سهلة اللادراك ونميل الى ادراكها كيصغ متميزة على غيرها اذ يسهل علينا من الجنود او رجال الشرطة او لاعبي فريق واحد في كرة القدم لتشابه الزي، بالاضافة الى ذلك نجد قانون التقارب وهو ان الموضوعات والاشياء القريبة في الزمان والمكان تميل الى ادراكها بشكل كلي ومثال ذلك فكرة الرسوم المتحركة تقوم على التقارب بين مجموعة من الرسوم فتبدو لحاسة البصر كانها تتحرك, قال جان بياجي "...ولماذا اذا راينا ثلاث اواربع نقط متقاربة بدل النقطة الوادة لم نستطع ان نمنع انفسنا من جمعها في صورة تقديرية من
المثلثات او المربعات ؟ذلك ان العناصر المدركة في مجال واحد يقع ربطها مباشرة في بنيات شاملة تخضع لقوانين معينة هي قوانين الانتظام
"باضافة الى ذلك هناك قانون الشكل والارضية، وهو ان كل موضوع في العالم الخارجي ، له شكل وخلفية تساعد في حصول عملية الادراك مثلما ترى السفينة فوق البحر فيعد البحر ارضية والسفينة شكلا .لكن الشكل متميز عن الخلفية على اساس ان الشكل يكون له اتساق وتلاؤم في مكوناته ووضوح في ادراكه بخلاف الارضية التي تكون بلا شكل معين ومحدد وغير منتظمة وباهتة، قال جان بياجه "ان نقطة سوداء واحدة اذا رقيت على ورقة كبيرة، فانه لا يمكن ادراكها كعنصر منعزل ، مهما كانت وحيدة اذ تنفصل بصفتها شكلا على خلفية تكونها الورقة..." كذلك قانون الاغلاق,وهو ان الاشياء الناقصة نميل الى ادراكها كاشياء تامة وكاملة أي نميل الى ملء الفجوات الموجودة فيها ،ميل ادراكنا الكلي للكلمة وحتي وان كان ينقصها حرف، وعليه فالعوامل الموضوعية تساهم بشكل كبيرة في التحكم في ادراكنا للموضوعات العالم الخارجي.

 النقد :

على الرغم مما قدمته النظرية الغيشطالتية من أن الادراك تتحكم به عوامل موضوعية و لكنها قللت من شان العوامل الذاتية، فتاثير البنيات المنظمه والصور الكليه في الذهن لا يعني ان الذات لا تؤثر في الاشياء المدركة، فالعقل لايكون مجرد إطار سلبي، يستقبل فقط ما يعرض عليهاً من الموضوعات الخارجية، بل هو فعال ويظهر ذلك في جملة الوظائف والانشطة التي يقوم بها ،فهو ملكة الحكم والفهم والتفكير ،كما اهملت التمييز بين الاحساس والادراك لانه لو كان الإحساس كإدراك لكان الحيوان يدرك ويعرف ,بالاضافة الى ان القول بالعوامل الموضوعية لوحدها غير كاف ،لانه لو كان الامر كذلك لتساوى كل الناس في الادراك والمعرفة على اعتبار ان الموضوع المدرك واحد ،لكن الواقع يثبت انه يوجد تفاوت بين الافراد ،حتي وان كانوا امام تفس الموضوع.

 التركيب :

إن الفصل بين الأخساس و الإدراك أمر يستحيل إثباته ، فالإحساس والأدراك في حقيقة الأمر وجهان مختلفان لعملبة نفسية واحدة، فلا يمكن للإدراك أن يتصل بشيئ ليعطيه  معناه دون أن تكون له وسائط تربطه بالعالم الموصوعي و تلك الوسائط هي الأغضاء الحسية ة التي تمثل عملية الإحساس.ولا يمكن أن يكون هناك أي معنى للصور الذهنية التي تنقلها إلينا الأعضاء الحسية لم تتوج بتحليل ة تفسير ة بناء معنى عن كريق إدراكه و تعلقه. رأي الشخصي:إن العلاقة بين الإحساس والإدراك من الناحية المنطقية والواقعية هي علاقة تكامل ة تداخل ولا يمكن الفصل بينهما.  

 الخاتمة :

وفي الاحبر نستنتج انه يستحيل الفصل بين الاحساس والادراك من الناحية الواقعيةلأتعنا متكاملان ، كما لايحب تغليب عامل على آخر لأن هذا الفصل أوالتغليب ناشئ.عن تفسيرات مذهبية أومقتضيات ذاتية فقط .أما من الناحية الواقعية فلا يمكن ان نتحدث عن ذلك الفصل قال توماس ريد ”الادراك هو الاحساس المصحوب بالانتباه "٠