ملخص الدرس / الثالثة ثانوي/فلسفة/إدراك العالم الخارجي/الشعور و اللاشعور

مقدمة

تمتاز الحياة النفسية للانسان بالتشابك والتعقيد نظرا لوجود جوانب خفية ومظلمة فيها ،حيث يصعب تفسيرها في بعض الاحيان ،لكن عند اكتشاف اللاشعوراستطاعت الدراسات في علم النفس المعاصر فهم السلوك الانساني ومعالجة امراضه وعقده النفسية ،لكن اهمية وقيمة اللاشعور وقع فيها جدالا بين الفلاسفة والمفكرين فهناك من يرى انه حقيقة علمية وبنقيض ذلك هناك من رده الى انه مجرد افتراض فلسفي ،ومن هذا الاختلاف والتباين في الافكار تطرح المشكلة التالية:هل اللاشعور نظرية علمية ام مجرد افتراض فلسفي؟وبعبارة اخرى. هل اللاوعي اجتهاد امن به العلم ام مجرد افتراضات غير مثبتة ؟

الموقف الأول

يرى انصار النظرية المعاصرة ان اللاشعور حقيقة علمية وهذا ما ذهبت اليه مدرسة التحليل النفسي مع سيغموند فرويد الذي كشف عن فعاليته وجدواه في علاج بعض الاضطرابات العصبية كما كشف عن مدى تايرر تجارب الطفولة المبكرة في سلوكات الراشدين ،واصبحت الدراسات والنتائج التي استخلصها التحليل النفسي لقضايا اللاشعور تنير الكثرر من الجوانب في سلوك المجرمين والمنحرفين والفاشلين ،وقد عززت هذه الدراسات الجانب الانساني فاصبح عدد من المنحرفين يدخلون المستشفيات بعد ان كان يلقى بهم قديما في غياهب السجون او يظلون عرضة للسخرية والامتهان ,ولعل انتشار العيادات في مختلف انحاء العالم بوتيرة سريعة لا مثيل لها بفعل تطور الطب النفسي هو من اهم انجازات مدرسة التحليل النفسي واصبحت كثيرر من الامراض والعقد والاضطرابات التي كانت مستعصية قابلة للعلاج بنسبة كبيرة ،وتشهد تقنيات العلاج الاكلينكي في هذا المنهج كل يوم تحسينات ترتقي به الى ان يكون منهجا طبيا ونظرية علمية قائمة بذاتها قال فرويد "ان فرضية اللاشعور فرضية لازمة ومشروعة ولدينا عدة حجج تؤكد وجودها "فالتحليل النفسي قائم على وجود علاقة بين المكبوتات والاعراض العصبية ،هذه العلاقة كشف عنها فرويد و إستطاع الوصول إليها بعلاج الامراض و فك ألغاز النفس الإنسانية ، عن طريق التداعي الحر للأفكار  وهو الذي هو ترك المويض يعبر بحريه وعفوية وحثه عنى الافصاح عن رغباته وافكرره وذكريته فاذا نجح المريض في تحريرها واظهارها في ساحة الشعور  يشفى وتحل عقده ,ولكن ذلك لا يقتصر على الامراض العصبية بل يتعداها الى مجمل سلوكات الانسان العادية بمعنى النشاطات الاشعورية التي يكتبها الانسان ,هذا لا يعني زوالها بل تظل حية وفعالة ومؤثرة وتحاول ان تعبر عن نفسها بشكل رمزي مقنع مثل الاحلام وفلتات اللسان و زلات القلم والنسيان , قال فرويد "ان معطيات الشعور ناقصة جدا فكثير ما تصدر عن الانسان السليم والمريض افعال لا تتمتع بشهادة الشعور كالهفوات و الأحلام".كما أن نشأة تلك العقد تكون في الطفولة و أن اللبيدو هو المحرك الأساسي لسلوكات الإنسان ، و هو الذي يحكم على تصرفات الإنسان و شخصيته من خلال الصراع بينه و بين المجتمع و قد أرجع فرويد كل السلوكات و العقد النفسية إلى غريزتين هما:الأيروس وهي الغريزة الجنسية والتي تشمل كل مظاهر الحب و الوجدان، الثناتوس وهي الغريزة الحيوانية أوغريزة الموت أوالهدم وتشمل كل مظاهر الهدم والعدوان والقوة سواء على الذات أم على المجتمع ،هذا من جهة ،من جهة أخرى قسم  الجهاز النفسي إلى ثلاثة مستويات :الأد،أو الهو أو اللبيدو و هو مستودع الطاقة الغريزية عند الإنسانو المتملثة في الغرائز الجنسية و الرغبات المكبوتة. أما الإيجو أو الأنا فهو القوة الضابطة و المنظمة ، و المبدئ الذي يسوده هو مبدأ الواقع و يعمل حكما بين الهو والأنا الأعلى ، هذا الأخير يعتبر الضمير المتعالي و هو مجموعة من القوى الأخلاقية و القواعد الإجتماعية و هو السلطة أو الرقيب المنظم لسلوك الأفرد و عليه فالحياة عند فرويد هي عبارة عن صراع بين القوى الثلاث و الشخص السوي هو الذي يستطيع التوفيق بين متطلبات الهو و مبادئ القيم و قيم الأنا الأعلى، قال فرويد:"يستمد الأنا طاقاته من الهو و قيوده من الأنا الأعلى و عقباته من العالم الخارجي".و عليه فاللاشعور حقيقة علمية و مشروعة و ضرورية في فهم الجانب النفسي للإنسان و إكتشاف الحياة الباطنية الغير واضحة و معالجة العقد و الأمراض النفسية.   

النقد

على الرغم من ان اكتشاف اللاشعور امر لا يمكن انكاره مطلقا ,وذلك لما قدمه من اجتهادات ساهمت بنشكل او باخر في معالجة بعض الامراض النفسية للانسان وفهم سلوكاته ,لكن مدرسة التحليل النفسي بالغت في تفعيل دوره في الحياة النفسية فهو الا مجرد فرضية فلسفية قد تصلح لتفسير بعض السلوكات وليس كلها فهو لم يثبت الا على المرضى والشاذين جنسيا فقط ,كما ان التركيز على اللبيدو يجعل الانسان اشبه بالحيوان متسترا بجملة من الغرائز والميول المكبوتة في اللاشعورقال الفريد ادلر "ان تركيز الذهن في التفسير الجنسي لا يزيد الامور الا تعقيدا ".

الموقف الثاني

يرى علماء النفس المعاصرين الى ان اللاشعور مجرد افتراض فلسفي ولا يعتبر حقيقة علمية قائمة بذاتها فالمبالغات التي حفل بها التحليل النفسي مع مؤسسه فرويد قد ادت الى الشك في الطبيعة العلمية لفرضية اللاشعور ,بل ان تلاميذه كانوا اول من خرجوا عليه ,فالفريد آدلر رأى ان اللاشعور ليس مرده الى اللبيدو لانه لا ينجسم مع الطبيعة العاقلة للانسان قال ادلر "ان تركيز الذهن في التفسير الجنسي لا يزيد الامور الا تعقيدا وذلك لان مشكلة الجنس هي مشكلة نتائج لا اسباب "بل هو راجع الى الشعور بالقصور ،فالمصاب بقصور عضوي يسعى الى تعويض هذا القصور وتغطيته عن طريق التسامي والتفوق ,وكل ما فسره فرويد بالكبت فسره أدلر بعقدة القصور بالتعويض ،اما كارل يونغ فقد عارض هو الاخر استاذه وراى ان النظرية الجنسية كما وضعها فرويد غير كافية لانها لا تتناول الا جانبا من المشكلة فينبغي أن تضاف إليها الحاجة الى السيطرة كما انه ميز بين نوعين من الناس , نوع يتوجه الى الاشياء اكثر مما يتوجه نحو نفسه٠ ويتوجه الى الخارج ليتكيف معه وهو المنبسط و نوع يتوجه نحو نفسه ويميل الى الخيال و هو المنطوي ، وإنتهى يونغ إلى وضع نظرية في اللاشعور الجمعي ،فاللاشعور ليس مليئا بالأزمات التي تكون قد عشناها اثناء طفولتنا فقط ,بل وكذلك بالازمات التي مرت بها الانسانية جمعاء ,وفضلا عن ذلك فقد بلغ الإعتراض على نظرية التحليل النفسي إلى حد أن هناك من أنكر حتى بوجود لا شعور، وهذا ما نادى به ستيكال حيث قال" لا أؤمن باللاشعور لقد آمنت به في مرحلتي الأولى لكنني بعد تجاربي التي دامت ثلاثين سنة وجدت ان كل الأفكار المكبوتة إنما هي تحت شعورية و أن المرضى يخافون دائما من رؤية الحقيقة .و قال آلان:اللاشعور إحتقار للانا وعبودية للجسم "باضافة الى ذلك فقد رفض سارتر فكرة اللاشعور معتبرا ان السلوك الانساني يجري دائما في مجال الشعور ،وعليه فان اجتهادات مدرسة التحليل في ان يجعلوا من فرضية اللاشعور نظرية علمية لم تحقق النجاح المامول لها لانه اراد ان يفسر الظواهر عد تنوعها بمبدا واحد هو اللاشعور , وان يفسر كل نشاطات اللاشعور بمبدا واحد وهو اللبيدو وهذا غير صحيح, وعليه فاللاشعورهو افتراض فلسفي لم يرقى الى التنظير العلمي بسب تفسيراته المحدودة واللامنطقية.

النقد

على الرغم من ان اللاشعور مجرد افترض فلسفي بعيد عن الحقيقة العلمية لكن نظريته بوجه خاص في في سياق التحليل النفسي هي بمثابة اجتهاد ادى الى اكتشافات مضيئة وهامة حول النفس البشرية ومعالجة الكثير من إختلالاتها على مستوى السلوك, وتحقيقه للانجازات متنوعة على مستوى الصعيد العيادي قال محمد وقيد ما وضعت فرضية اللاشعور الفرويدية الا من اجل ان تفسر السلوك الانساني ,انها تساعدنا على إلقاء الضوء على المرض النفسي او حالات الاضطراب في مستوياتها المختلفة من ازمات وعقد وهي فرضية تساعدنا أيضا على تفسير مظاهر السلوك العادي".

التركيب

يعتبر اللاشعور افتراض فلسفي اقرب منه الى النظرية العلمية لأنه اجتهاد ادى الى اكتشافات هامة حول النفس البشرية ومعالجة الكثير من امراضها كما انه يعتبر محل جدال ونقاش حول اسسه واهميته بين اصحاب مدرسة
التحليل النفسي انفسهم ,لكن جعل فرضية اللاشعور نظرية علمية لم تحقق النجاح المأمول الا من الناحية التطبيقية وهذا ما يجعله اقرب الى الافتراض الفلسفي منه الى النظرية العلمية المتكاملة. و رأي الشخصي: أن قيمة واهمية اللاشعور تكمن في انه يبقي مجرد افتراضات فلسفية لم يثبت الى حد الان نجاحتها.

الخاتمة

وفي الاخير نستنتج ان نظرية اللاشعور في التحليل النفسي هي المفتاح السحري لفك الغاز الكيان النفسي المعقد ،والوصول الى اسرار وخفايا في معالجة بعض الامراض كما انه طاقة يمكن توجيهها نحو الابداع العلمي والفني باضافة الى انه رصيد ثري ومتنوع يمكن من استكشاف تأريخ الغرد وتقويم سلوكه.

مقالة

يهتم علم النفس بدراسة مختلف الظواهر النفسية الصادرة عن الإنسان من ذاكرة و تخيل و عواطف و رغبات , و هي أحوال و ذاتية لا يمكن التعرف عليها و ادراكها الا بواسطة الشعور الذي يعرف بأنه معرفة اولية و مباشرة يطلعنا على حياتنا النفسية دون واسطة , غير أن هناك سلوكات أخرى لا يعي الانسان اسبابها و لا يدرك معانيها التي لها تأثير عميق على أنفسنا و هي اشكل مايعرف باللاشعور , الذي هو الجانب الخفي و المظلم من النفس الانسانية , و على هذا الاساس وقع جدال بين الفلاسفة و علماء النفس و ذلك حول اجوهر و المنطلق الذي يحكم في حياتنا النفسية فهناك من اعتقد بوجود جانب غير واضح و مو اللاشعور , و من هذا الالختلاف و التباين في الأفكار نطرح المشكبة التالية : هل الشعور أساسا الحياة النفسية ؟

و بعبارة أخرى : هل الحياة النفسية مطابقة للحياة الشعورية . 

يرى أنصار علم النفس التقليدي (المدرسة الكلاسيكية ) أن الشعور هو أساس التعامل الحياة النفسية و بالتالي فكل ماهة نفسي هو شعوري بالضرورة , فيكفي أن يحلل المرء شعوره ليتعرف يشكل واضح على كل ما يحدث في ذاته من أحوال نفسية أو ما يقوم به من أفعال فالإنسان ثنائية متمثلة في الجسم و الروح و ان النفس لا تنقطع عن التفمير إلا إذا تلاشى وجودها فهي تشعر بكل ما يجري داخلها من أحوال و انفعالات و عواطف كالفرح و الحزن و الغضب و اما الحوادث للاشعورية فلا تشمل الظواهر النفسية بل تقتصر على الجانب الفيزيولوجي كانقسام الخلايا و خركة الجفت ة الدورة الدموية أما الانشطة النفسية بمختلف أنواعها فتقوم اساسا على الشعور فلا شيء يحدث في النفض دون أن سشعر بها صاحبها لهذا فكل ماهو نفسي هو شعوري , فالشعور و النفس مترادفان قال هنري آي " لشعور و الحياة النفسية مترادفان و بالتالي فإت الظاهرة إنا شعورية فيزيائية أو شعورية نفسية " و الذي لا نشعر به فهو ليس من أنفسنا قال ديكارت : "النفس جوهر ميتافيزيقي بسيط يتكون من الشعور فقط " , بمعنى أن اللاشعور لا ينتمي الى النفس و من التناقض الاعتراف به , قال هنري آي : "ان انكار اللاشعور امر تتضمنه كل دراسة نفسية للشعور " و من جة أخرى استدل ديكارت على وجوده من خلال التفكير الذي ينطلف أساس من الشك فالدليل على ةجةدي هو التفكير ة التفكير يستلزم الوعي و الوعي يرادف الشعور حيث قال : " أنا افكر إذا انا موجود "أما النظرية الظواهرية فقد أكدت على أن التفكير يستلزم الوعي و أن الوعي يرادف الشعور و و بالتالي فالانسان يدرك ذاته ادراكا مياشرا فهو يعرف تخيلاته و احاسيسه بنفسه و من خلال شعوره الذي يساعده على معرفة ماهية الأشياء و الوقوف على حقيقتها قال هوسرل "كل وعي هو وعي بشيء " فالذت تقصد الموضوع من خلال الارادة التي توجه الشعور نحو شيء معين و أكد جان بول سارتر على الشعور من خلال حرية الاختيار حيث قسم الوجود الى : وجود في ذاته و هو وجود الأشياء التي تنتمي الى العالم المادي أما الوجود لذاته فهو الوجودالانساني حيث يكون فيه الوجود اسبق من الماهية و لكي يحدد الانسان مصيرة و ماهيته عليه ان يختار ما سيكون عليه و لا يكون اختياره إلا من خلال الإرادة الحرة التي يكةن منبعها الشعور حيث قال : " أنا أشعر إذن أنا موجود " كما أن خصائص الشعور دليل على أنه قوام الحياة النفسية للإنسان فهو يتميز بخاصية مهمة و هي الديمومة أي أنه مستمر و متصل لايعرف الانقطاع يضعف لكنه لا يغيب فهو ديمومة روحية مستمرة قال برغسون :" الشعةر كالنهر المتفق الذي لا يعرف التوقف دائم الجريان و حتى و إن تدنى مستوى تدفقه يبقى موجودا فالشعور كهذا النهر لا يعرف الوقوف ينخفض الى درجات متدنية لكنه لا يغيب " و يقول رويه كولارد " ان ذواتنا و الامنا و مخاوفنا و جميع احساساتنا تجري امام الشعور كما تجري مياه النهر أمام عيني المشاهد " بالاضافة الى أنه كيفي لا كمي أي أنه وصفي بمعنى لا يمكن أن يكون فيزيائيا و إنما هو نفسي داخلي أي ديمومة محضة و هو دائم يعرف التغير و التحول من حال الى حال آخر و من جهة اخرى يعتبر ان سينا أن اسا خلود النفس هو الشعور لأن الانسان السويإذا تأملنفسه يشعر ان ما تتضمنه من حوال حاضرة هي امتداج للأحوال التي كان  عليها في الماضي و سيظل يشعر يتلك الأحوال طيلة حياته حيث قال " أن الشعور بالذات لا ينقطع أبدا" لأن الششعور لا يتوقف فهو متقلب و متغير فعناصر الزمان مرتبطو ببعضها البعض قال باسكال "ان الزمان يشفي من الالام و المنازعات و الضغائن لأن الانسان يتغير من حال الى حال فلاجارح و لا مجروح بباقين على حالتهما الاولى " و علية فالشعةر يالذات معلوم وواعي لأنه جوهر الحياة النفسية قال دوبيران " لاتوجد واقعة يمكن القول عنها أنها معلومة دون الشعور بها " و منه نستنتج ان الحياة النفسية التي يعيشها الإنسان و لا وجود اللاشعور 

على الرغم مماذهب اليه الاتجاه الكلاسيكي من أن الحياة النفسية التي يحيياها الانسان كلها شعورية , إلا اناا كيف نفسر مصدر السلوكات التي تصدر عن الانسان لا يعي اسبابها و لا يدرك معانيها مثل الهفوات و الاحلام و زلات القلم و غيرها قال فرويد "ان معطيات الشعور ناقصة جدا فكثير ماتصدر هن الانسان السليم و المريض افعال تتمتع بشهاة الشعور كالهفوات و الاحلام " كما أن الشعور ليس مفهوما واضحا و لا مفيد بل هو خرافة ميتافيزيقية  و لا يمكن منه بطريقة علمية تجريبية كما أنه قد يخدع الانسان كونه يعتمد على المنهج الاستطاني الذي يقوم على التأمل الذاتي أي تقوم الذذات بوصف ذاتها و هذا ما يؤدي الى التضخيم أو المبالغة قال غوسدروف " الشعور مجرد خيال و انتاج لأوهام" كما أن عدن معرفة اللاشعور ليس دليلا على عدم وجوده قال ابن تيمية " عدم الوجود لا يعني وجود العدم" و عليه فالحياة النفسيى ليست مقتصرة على الشعور فقط 

يرى أنصار علم النفس المعاصر أن الشعور وحده ليس كافيا لمعرفة و فهم حيار كل خبايا النفس و مكنوناتها لذلك فالإنسان لايستطيع في جميع الاحوال أن يعي ويدك اسباب سلوكه . مادام الشعور لا يستطيع ان يشمل كل ما يجري في الحياة النفسية فهذا يعني وجود نشاط نفسي لاشعوري و الذي يمثل مختلف الاحوال النفسية الخفية كالميول و الرغبات و الافكار المطابقة بين النفسو الشعور و من ابرز رواد هذا الموقف الطبيب النمساوي سيغموند فرويد مكتشف اللاشعور لكن بوادر هذا الاكتشاف كانت موجودة من قبل لأن فرويد ليس أول من انتبه الى الحوادث اللاشعورية قال فرويد " لست أنا الذي يرجع اليه الفضل في نشأة التحليل النفسي إذ لم اساهم في بداياته الاولى فقد كنت لاأزال طالبا مستغرقا في اعداد الامتحانات الاخيرة " فهناك قبله شوبنهاور الذي قال " ان دةافعنا الشعورية ليست سوى واجهة تخبئ دوافعنا اللاشعورية و ان ارادة الحياة تتألف من غريزو المحافظة على الذات و الغريزو اجنسية و إن الكبت بواسطة العقل يشكل اساسا لامراض النفس" و نجد كذلك نيتشه الذي رأى أن القيم الاخلاقية تصدر غالبا عن غرائز انانية عدوانية و جنسية بالاضافة الى ذلك نجد الفيلسوف ليبنتز الذي اثبت وجود اللاشعور بالأدلة العقلية حيث أكد هناك ادراكات صغيرة تفلت من قبضة الشعور فتكون لها دلالة لاشعورية و مثال ذلك : هدير امواج البحر فنسمعها في شكلها الكلي لكن ضجة كل موجة على حدة هي صغيرة لا يدركها الشعور بسبب ضعفها قال في هذ الصدد "أن ادراك الالاف من الاهتزازات الصوتية مثلا : ينحل الى ادراكات و احساسات بدةرها أي على الكتلة من الاحساسات , أما العتاصر و عناصرالعناصر فإن الشعور لا يدركها و يبقى على العقل استخلاصه كما اضاف ليبنتز مبدأ التتابع حيث عارض من خلاله موقف ديكارتفلقد أكذ ان الذات لاتستطيع تأمل كل افكار ندركها و نشعر بها و اخرى قد تفلت من قبضة الوعي لأنها تغيب و لكن يعود الفضل في اثبات اللاشعور و تبريره لسلوك الانسان الى جملة من اطباء الاعصاب و علماء النفس ة التي كان سببها الظواهر المرضية كالهيستيريا و هي نرض نفسي عصابي تظهر فيه اضطرابات انفعالية مع خلل في أعصاب الحس و الحركة و في مقدمتهم وليم جريسنجر و غيره حيث عالجوا الأمراض النفسية علاجا عضوية أي من خلال الاعتماد على الأدوية و العقاقير لكن بما ان الادوية لم تعد نافعة لأن سبب المرض نفسي و ليس عضوي لذلك ارجع بعض الاطباء ذو النزعة النفسية المرض الى اسباب نفسية و في مقدمتهم شلركو و يرنهايم و جوزيف بروير حيث لاحظوا ان الاضطرابات العصبية لا تعود الى اسباب عضوية و انما الى انشطة لاشعورية لذلك لجأوا الى طريقة التنويم المغناطيسي و هيحالة ذهنية مسترخية يستقبل فيها اللاوعي الايحاءات و يستجيب لها و من خلال ذلك يتذكر المريض احداثه المؤلمة التي كانت سبب في مرضه فيعمل على الافصاح عنها و يخرجها الى ساحة الشعور و أثناء ذلك يشفى لذلك كلما استطاع الفرد التنفيس عن المواد المكبوتة كلما سنحت له الفرصة في الشفاء ة لقد كان امعالجة مرض الهيستيريا و الصرع الاثر الاكبر في اكتشاف اللاشعور حيث أكد فرويد مع بروير عن مجةد علاقى تلازم بين الاعراض العصبية و النشاطات اللاشعورية حيث قال " ان مجرد اعطاء معنى للأعراض العصبية بفضل التفسير التحليلي يكون حجو دامغة على وجود نشاط نفسي لا شعوري " لكن طريقة التنويم المغناطيسي لم تعد صالحة لأنها ترهق المريض و تخيفه كما أن المرض يعود للمريض من جديد بعد فترة و ان بعض الأشخاص يبدون مقاومة شديدة و يصعب تنويمهم لذلك استبدلها فرويد بطريقة التداعي الحر للأفكار حيث قال "ان طريقة التداعي الحر من المزايا الهامة ما تفضل به على الطريقة التي سبقتها و لا تقتصر على مزية الاقتصاد في الجهد فهي تتجنب كل ضغط على المريض بأكثر قدر ممكن " هذه الطريقة قائمة على ترك المريض يعبر بحرية و عفوية و حثه عن الافصاح عن رغباته و افكاره و ذكرياته , فإذا نجح النريض في تحريرها و إظهارها في ساحة الشعور يشفي و تحل عقده , هذه النمطية لا تقتصر على الأمراض العصبية فقط بل يتعداها الى مجمل النشاطات اللاشعورية التي يكتبها الانسان , قال فرويد "ان الكشف عن المقاومة هو الخطوة الاولى في سبيل التغلب عليها "هذه النشاكات لا تموت بل تظل حية و فعالة و مؤثرة و تحاول ان تعبر عن نفسها بشكل رمزي مقنع تسمى باليات الدفاع أو الحيل الدفاعية و التي من أهمها : الاحلام التي تعتبر مناسبة لظهور الميول و الرغبات المكبوتة في اللاشعور في صور ومزية و عي حسب فرويد نشاط نفسي ذو دلالة لاشعورية يكشف عن متاعب و صراعات نفسية يعانسها النائم تحت تأثير ميولاته و رغباته التي لم يستطع تحقيقها فيتم تحقيقها بطريقة وهمية و رمزية في الحلم حيث قال "غالبا ماتمون الاحلام في غاية العنق عندما تمةن غاية الجنون " اضافة الى حيل اخرى و هي فلتات اللسان و زلات القلم فلناس في حياتهم اليومية قد يقومون بأفعال مخالفة لواياهم و مقاصدهم تظهر في شكل هفوات و زلات تصدر عن ألسنتهم و اقلامهم تغير المعنى بأكمله و هذه الهفوات و الزلات لها دلالة نفسية لاشعورية كالنفور و الكره و الغيرة و الحقد قال فرويد" يكتشف المرء الحقيقة الكاملة من خطأ لاخر" كذلك لدينا احلام اليقضة و النسيان و الاسقاط و التقمص و النكت و التعويض و التبرير و الاستبدال و التصدع و النكوص هذه كلها مظاهر لاشعورية تعبر عن نفسية عند الانسان و التي تشكلت حسب فرويد في فترة الطفولة التي تعرف أحداث غنية يكون ها الاثر البالغ على الدوفع اللاشعورية و نشاطاتها في المراهقة و ما بعدها و يعود سببها الى اللبيدو الذي يعتبر هو المحرك الاساسي لسلوكات الانسان و الحكم عليها ة قد ارجع فرويد كل السلوكات و العقد النفسية الى غريزتين و هما " الايروس "أو الغريزة الجنسية و التي تشمل كل المظاهر الحب و الوجدان فهي الاساس الذي بنى عليه فرويد نظريته لكنه توسع فيها و لم يحصرها في وظيفو التناسل و انما جعلها غريزة الحياة فهي كل التنبيهات و النشاطات التي تنتج لذة سواء جنسية أو وجدانية أو حسية و كل الاعمال الايجابية و البناءة التي تؤدي الى استمرارالحياة قال فرويد "ان الفنان الذي يرسم لوحة فنية ليس الا طريقة لاشعورية للتعبير عن غريزته الجنسية المكبوتى " و "الثناتوس" و هي الغريزة الحيوانية أو غريزة الموت أو الهدم و تشمل كل مظاهر الهدم و التحطيم و الاضطهاد و الكره ضد النفسو لاخر سواء كان انسانا او حيوانا أو جمادا و نظهر جليا في الانتحار مثلا و القتل . قال فرويد " كل اشكال الحياة هدفها الموت " هذا من جهة و من جهة أخرى فسم فرويد الجهاز النفسي الى ثلاثة مستويات "الاد" أو الهو او الليدو و هو مستودع الطاقة الغريزية عند الانسانو المتمثلة في الغرائز الجنسية و الرغبات المكبوتة هذا الهو لا يتوقف عن طلب الاشباع لأن منطقة الوحيد هو اللذة و هي قوة غير مهذبة نتحررة من القواعد الاخلاقية و المنطقية و تمثل الغاية الحقيقة للانسان قال فرويد "هو كل ما يحمله الفرد عند ولادته و كل ما حدده تكوينه " و يعمل حكما بين الهو و الانا الأعلى هذا الأخير يمثل مجموعة الموانع و المحظورات الخلقية و القوانين الردعية التي اكتسبها الفرد من خلال تأثير الوالدين و قيم المجتمع لتي تحرس تصرفاته و تمنعه من تحقيق رغلاته و بهذا يكون الانا الاعلى قوة مضادة للرغبات المكبوتة لاسيما الجنسية التي تتطلع دائما الة الاشباع و من جهة اخرى يقر فرويد بوجود العيد من العقد النفسية التي تمثل شحنات قوية و انفعالات متراكمة في اللاشعور و تقوم بتوجيه الفرد دون وعي منه الى عمل معين و سلوك خاص يتعارض مع توصيات الانا الاعلى و ذكر فرويد عدة عقد لا يخلو الفرد من بعضها و تشترك فيما بينها بالأصل الجنسي لها و من اهمها : عقدة أديب و عقدة ديانا و عقدة قابيل و عليه فالحياة عند فرويد هي عبارة عن صراع بين القوى الثلاثة و الشخص السوي الذي يستيع اتوفيق بين متطلبات العوى و نبادئ و قيم الانا الاعلى قال فرويد "يستمد الانا طاقاته من الهو و قيوده من الانا و عقباته من العالم الخارج " و بهذا فاللاشعور فرضية لازمة ومشروعة و ضرورية في فهم الجانب النفسي للانسان و اكتشاف الحياة الباطنية الغير الواضحة و معالجة العقد و الامراض النفسية قال فرويد" ان الفرضية اللاشعور فرضية لازمة و مشروعة و لدينا عدة حجج تؤكذ وجودها" 

على الرغم مما قدمه انصار ندرسة التحليل النفسي من ان اللاشعور جانب مهم في الحياة النفسية الا انه مجرد افتراض فلسفي لايرقى الى مستوى الحقيقة العلمية المؤكدة لانه لايمكن التحقق منه تجريبيا فهو قد يصلح لتفسير بعض السلوكات و ليس كلها , و هذا ما ادى بابنه فرويد و تلاميذه الى نقده فابنته أنا anna رأت ان التداعي الحر لايمكن تطبيقه علميا مع الاطفال قبل سن البلوغ فذلك يؤثر على تحليل الاحلام فمن غير الممكن ان يرقد الطفل على وسادة ليتداعى بحرية لانه غالبا ما يستسلم للنوم طذلطك قلة حيلته في التعبير و عدم نضجه و من جهة اخرى تجاهل فرريد العناصر التي تؤثر على تحليل الاحلام فمن غير الممكن ان يرقد الطفل على وسادى ليتداعى بحرية لأنه غالبا مايسمى للنوم كذلك قلة حيلته في التعبير و عدم نضجه و من جهة اخرى تجاهل فرريد العناصر التي تؤثر في الشخصية كالعناصر الاجتماعية و العرقية و التاريخية و الثقافية بدليل ظهور فرضيا جديدة من طرف تلاميذه فالفريد الدر الامراض ة العقد النفسية الى الشعور بالنقص و القصور تما كارل يونغ فري انها ترجع الى حب السيطرة و قسم الانسان الى نوعان المنبسط و المنطوي و اسس نظرية في اللاشعور الجمعي بالاضافة الى ذلك اللاشعور لم يثبت الا على المرضى و الشاذين جنسيا فقط كما ان التركيز على الليبدو يجععل الانسان اشبه بالحيوان متستر بجملة من الغرائز و الميول المكبوتة في اللاشعور قال جورج لوكاس "ان سيكولوجية فرويد هي سيكولوجسة الرجل العاطل عن العمل و لهذا غلبت عليه الدوافع الجنسية " و قال الفريد ادلر " ان الافراط في الحديث عن الجنس لايؤدي الا الى مزيد من التعقيد " فالإنسان له عقل و قيم اخلاقية تجعله يقتنع بأن الاندفاع نحة الرغبات يشةه شخصيته و يؤدي به الى الغوص في امراض و قد نفسية قال الآن "اللاشعور احتقار و عبودية للجسم" 

الحياة النفسية كيان معقد يتداخل معقد يتداخل فيه ماهو شعوري بما هو لاشعوري , أي انها بنية مركبة من الشعور و اللاشعور معا فهما يكملان بعضهم البعض فالأةل يمكننا من فهم الجانب الواعي أي ادراك الانسان للاحوالة و الموضوعات التي تحيط به , و الثاني يمكننا من فهم الجانب اللاوعي منها لأنه مخورن يساعد على اكتشاف اغوار النفس و التنفيس عنها , قال جميل صليبا "ان الحياة ابداع و الحياة و اللاشعور حياة اتباع " و بذلك فإنه لاينبغي النظر دائما الى الشعور على أنه ساحة صراع بين المتناقصات بل بةصفه آلية للتواون و التكيف و المعرفة و لا اللاشعور باعتبار سجنا لرغبات مكبوتة قد تعصف بكيان الشخصية و إنما كطاقة يمكن نحو الابداع العلمي و الفني و عليه فالحياة النفسية لا يمكن معرفتها ة تفسيرها الا بالايمان بوجود الجانبية معا فهما متكاملان و متداخلان و راي الشخصي أن اساس الحياة النفسية قائمة على الةعي و اللاةعي و لا يمكن تفسير و فهم النفس الانسانية الا بوجودهما 

و في الاخير نستنتج ان الحياة النفسية التي يعيشها الانسان و الحالات اللاشعورية التي تمثل الجانب المظلم و الخفي من حقيقة النفس الانسانية فالشعةر يساعدنا على التكيف مع العالم الخارجس و الللاشعور بمخزونة المتنوع يساعد على اكتشاف تاريخ الفرد و بالتالي تقويم سلوكه و بهذا نجد أنهما يمثلان مختلفان لعملة واحدة و هي النفس .