ملخص الدرس / الثالثة ثانوي/فلسفة/العلاقات بين الناس/الحرية و المسؤولية
الملخص
من الأستاذ(ة) سعدودي نسيبةهل الحرية شرط لقيام المسؤولية ؟والعكس.
هل الحرية شرط لقيام المسؤولية ؟والعكس.
مقدمة +طرح المشكلة: ان الحرية من الموضوعات الفلسفية و الغامضة و الشائكة التي بحث فيها العلم و الفلسفة قديما و حديثا فالفعل الحر هو الفعل المختار عن رؤية و تدبر و بالعقل يتميز به خير و شر الامور و متحمل لتباعات افعاله لانه مسؤول عنها فشكل ذلك بؤرة جدال بين العلماء و الفلاسفة حول حالة الانسان في عدم تحمل تبعية افعاله و تكليفه بالمسؤولية باعتباره مقيد و لا يملك الحرية و هناك من يعتبر الانسان مسؤول لانه حر فهل حقيقة ان المسؤولية لا تستقيم الا بوجود الحرية يا ترى؟
العكس:" المسؤولية تبرر و تستوجبه وجود الحرية؟ "
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الاطروحة الاولى :
يرى فريق من العلاماء و الفلاسفة ان الحرية اساس وجود المسؤولية مستدلين بجملة من الادلة و الحجج ان الانسان حرا في افعاله و يملك حق الارادة و الاختيار ،لان الحرية حالة شعورية ذاتية فالانسان يعلم انه حرا من مشاعره و هذا ما اكده الفيلسوف و الرياضي الفرنسي روني ديكارت :ان الانسان مسؤول بحكم الوعي و الارادة اي الحرية المثبتة بشهادة الشعور وحده فيما يعرف بالكوجيتو قائلا "انا افكر اذن انا موجود" وان الحرية فكرية وبديهية لا يمكن انكارها ،واما العالم الفرنسي برغسون يرى ان الحرية لا تدرك في علاقتنا بالغير وانما تدرك من داخلنا (الانا العميق) ويصفها بقوله: "الحرية معطى مباشر للشعور) والفعل الحر يصدر عن النفس باجمعها وليس عن قوة تضغط عليه لقوله: ( ان العقل الحر ليس فعلا ناتجا عن التوري والتبصر انه ذلك الفعل الذي يتفجر من اعماق النفس ونجد الفيلسوف اليوناني افلاطون بان حرية الاختبار مبدا مطلق لا يفارق الانسان وهو ممبدا ازلي يتخطى حدود الزمان والمكان حيث يعتبر ان العقل كان يحيا في عالم المثل عالم الكمال الذي تعلم كل المبادئ الكاملة والازلية وقال بان "الله برئ والبشر هو المسؤولون عن افعالهم" اي انهم مخيرون و مسؤولون عن افعالهم و نتائجهم ، و ما تجسده فرقة المعتزلة في ان الحرية نشاط الارادة و القدرة على التمييز بين الافعال الارادية و الللاارادية قائلين في ذلك :"و لكن كانوا نفسهم يضلمون"و كما وضحه جون بول سارتو الفيلسوف الوجودي:" ان الانسان لا يوجد اولا ليكون ذلك بعد ذلك حرا،و انما ليس ثمة فرق بين وجود الانسان و حريته باعتباره مسؤولا اخلاقيا نتيجة الوعي الاخلاقي خاصة العقل وحده ، و قد قدم الفيلسوف الاخلاقي الميانويل كانط دليل الواجب الاخلاقي اي ان الحرية قيمة اخلاقية لا يمكن انكارها اي الواجب من اجل الواجب قائلا:"يجب عليك،اذن انت تعتز" لان الانسان يسمو عن باقي الموجودات بالعقل و عليه الضرورة العقلية و المعالجة الاخلاقية توجب الانسان ان يتحمل مسؤولياته و ضرورة تسليط العقل على من يتحمل مسؤولياته قائلا:"الواجب امر مطلق جازم يتقيد به المرء بذاته"، وقد شرح الحرية روني ديكارت في قوله:"اما الارادة و الحرية الاختيار فقد جزتها في نفسي فوجدتها وحدة كبيرة للغاية بحيث لا اتصور غيرها اوسع وارحب منها"فمفاده ان لامسؤولية بلا حرية اذن لا وجود انساني لانها هي ما توجد و ما تكرر بداخلنا.
النقد:
و لكن الحرية كثيرا ما تغيب عن الانسان ،لانه يفقدها داخل مجتمعه لانه مكبل بقيود المجتمع و قوانينه و عاداته، و لقد بالغ فيلسوف الاخلاق الميانول كانط في فكرة الواجب يبرر فيها وجود و تحقيق المسؤولية على الانسان حيث الفاق جانب الحقوق الانسانية التي تمنح الانسان الاستمرارية في الحياة و العيش و تبادل المنافع و تحفيزه بدافع الكرامة و ضمان مجهوداته حيث قال الفيلسوف شونيهاور في مسالة قطعية الواجب دون سواهبان :"الواجب يعارض الطبيعة البشرية" لانها طبيعة لغير الالات و عديمة التشجيع و التكريم,
عرض الاطروحة الثانية :
و في المقابل انصار الحتميات بالغاء الحرية الذي يسقط المسؤولية عن الانسان لانه لا يملك القدرة لاختيار افعاله مادام تحت رحمة قيود الحتميات ،حيث يعتبر المحلل النفسي سيفوقد فرويد بان الشخص ليس حرا في بناء شخصيته و اختيار سلوكاته و ميولاته و التي تحدد من حتمية الصراع النفسي (اللاشعور) اي بين وجود غريزتين الانسان غريزة الحياة و التي تعرف باليبدو و حفظ الذات و غريزة الموت و تمثل العدوان على الاخرين و لانه لا يهرب من مكتوباته حيث بين فرويدا جزاء التكوين النفسي للمرء تعاني بعض العقد النفسية الدائمة التي لا تفارق مدى الحياة بسبب الحرمان العاطفي و الضغوطات المكتسبة من محيطه و نجد علماء الاجتماع و على راسهم دور كايم يقرون بان القواعد و الضوابط الاجتماعية تتصف بالالزام و القمع فهي تجبر و تقهلر الفرد على اتباعها دون التخيير فيها و انه من صنع المجتمع و سلطته الاخلاقية و يشاطره الراي ماكس ستانس بان الحرية مستحيلة في الدولة لان الدولة تحد و تقهر من حرية الفكر و العمل بواسطة قوانينها التنظيمية ، و كما ان الظروف الاجتماعية تكبح الارادات الحرة للفرد كالفقر و البطالة و الاوبئة و غيرها لا تسمح له بالتوسع و القيام بنشاطات مختلفة لانها ظروف غير مناسبة و غير متاحة له ، و نجد ان الطبيعة تخضع لنظام شامل و عام و ثابت و مدام الانسان جزء منها فارغمته على التاقلم معها و التكيف مع ضروفها كالكوارث الطبيعية الزلازل و الفيضانات اجبرته و دفعته على العقل و الاقرار الناتجة عنها,
ونجد الطبيعة البيولوجية الحتمية للانسان تقيد ارادته و حريته بما تفرضه الوراثة عليه و ما وضحه العالم الايطالي لومبروزو الى الافصاح عن كرموزوم الاجرام الذي ينتقل من الاباء المجرمين الى الابناء و قد قسم المجرمين الى خمس اصناف "مجرم بالفطرة-بالعاطفة-بالجنون-بالصدفة " اي انها تتحكم في افعال الانسان قصرا و نجد انه يسعى لتحقيق و اشباع دوافعه الفطرية و البيولوجية للحفاظ على بقائه و استمراره اي انه تحت رحمة غدده الصماء مثل :دافع الجوع و التكاثر و النوم و غيرها فالدوافع الحيوية هي التي تتصرف في سلوك الانسان ، و كما بينت الحتمية الميتافيزقية افرقة البهمية(الجبرية) بزعامة جهم بن صفوان ان الانسان مصيره محدد منذ الازل فهو خاضع لمشيئة الله تعالى و ماقدر و قضى له في حياته كلها من رزق و خير و شر و استدلو بادلة ان الافعال تنسب الى المخلوق الانسان و ليس من صنع يده كفعل الاماتة و الاحياء فانه لم يمت و يحيي بنفسه بل اماته و احياه الله تعالى سبحانه لقوله تعالى :"قل لن يصيبنا الا ماكتبه الله لنا,"
النقد:
و لكن ما تجده في تاريخ البشرية ينفي الضوابط و السلطة الاخلاقية للمجتمع بان الانسان غير قادر على التجديد و الانفراد و تغيير العادات و الاعراف المقيدة بعد ذكر ثورات عظماء التاريخ كالمفكرين و قادات الجيوش و العلماء كالعالم غاليلي الذي دحض مبدا الارض المسطحة فقط بكروية الارض فاثمر بذلك غزو الفضاء و اكتشافه و نجد فكرة فرقة الجهمية دعوة للكسل و الخمول و التواكل متناسين بما امره الله تعالى بالتكليف الشرعي و تخييره للطريق الجنة ام النار لقوله تعالى:"قل اعملوا فسيرى الله عملكم و المؤمنون," و هذا ما ينافي تعاليم و مبادئ الاسلام في الحث عن العمل و التوكل و التنافس في الخيرات ، و نجد ان بفضل العلم الذي توصل اليه الانسان و التقنيات الحديثة التغلب على مخاطر الطبيعة كبناء منازل مضادة لزلازل و اعمدة الصواعق و كما يقول ماركس في ذلك:"ان الحرية تتحقق بالتغلب على العوائق الطبيعية بالعلم و التقنية " و كما يؤكد انجلز قائلا :"ان الحرية تتمثل في السيطرة على انفسنا و على العالم الخارجي من حولنا"،و نجد ان الحتميون البيولوجيون غالو في تقليل من مكانة الانسان و لكنه كائن عاقل ليس كبقية الكائنات الحية تنقاد وراء غرائزها فيستطيع التحكم بدوافعه كالتغلب على الجوع بالصوم و الانانية و الجشح الطمع بالصدقة و الايثار و شعورنا بالحرية متميز باستمرار بحيث لا يمكن ان تتكرر حالتان متشابهتان اطلاقا اي ان الحياة النفسية لا تخضع لقانون الحتمية
التركيب
عدد الوقوف بما جائيهما كل من الاطروحتين نجدها في علاقة جزئية فيما بينهما بحيث لا يعتبر الانسان ميسر و مخير مطلقين وانما حرية الانسان هي تجسيد ارادته و ميولاته .