ملخص الدرس / الثالثة ثانوي/اللغة العربية/من الأدب الحديث والمعاصر/النزعة الانسانية في الشعر المهجري
الملخص
من الأستاذ(ة) عقيلة طايبينص أدبي : أنا
التعرف على صاحب النص:
حُرٌّ وَمَذهَبُ كُلِّ حُرٍّ مَذهَبي...........ما كُنتُ بِالغاوي وَلا المُتَعَصِّبِ
إِنّي لَأَغضَبُ لِلكَريمِ يَنوشُهُ............مَن دونَهُ وَأَلومُ مَن لَم يَغضَبِ
وَأُحِبُّ كُلَّ مُهَذَّبٍ وَلَو اَنَّهُ.................خَصمي وَأَرحَمُ كُلَّ غَيرِ مُهَذَّبِ
يَأبى فُؤادي أَن يَميلَ إِلى الأَذى..............حُبُّ الأَذِيَّةِ مِن طِباعِ العَقرَبِ
لي أَن أَرُدَّ مَساءَةً بِمَساءَةٍ................لَو أَنَّني أَرضى بِبَرقٍ خُلَّبِ
حَسبُ المُسيءِ شُعورُهُ وَمَقالُهُ...............في سِرِّهِ يا لَيتَني لَم أُذنِبِ
أَنا لا تَغُشُّنِيَ الطَيالِسُ وَالحُلى............كَم في الطَيالِسِ مِن سَقيمٍ أَجرَبِ
عَيناكَ مِن أَثوابِهِ في جَنَّةٍ............وَيَداكَ مِن أَخلاقِهِ في سَبسَبِ
وَإِذا بَصَرتَ بِهِ بَصَرتَ بِأَشمَطٍ.............وَإِذا تُحَدِّثُهُ تَكَشَّفَ عَن صَبي
إِنّي إِذا نَزَلَ البَلاءُ بِصاحِبي...............دافَعتُ عَنهُ بِناجِذي وَبِمِخلَبي
وَشَدَدتُ ساعِدَهُ الضَعيفُ بِساعِدي.............وَسَتَرتُ مَنكِبَهُ العَرِيَّ بِمَنكِبي
وَأَرى مَساوِءَهُ كَأَنِّيَ لا أَر...................وَأَرى مَحاسِنَهُ وَإِن لَم تُكتَبِ
وَأَلومُ نَفسي قَبلَهُ إِن أَخطَأَت...............وَإِذا أَساءَ إِلَيَّ لَم أَتَعَتَّبِ
مُتَقَرِّبٌ مِن صاحِبي فَإِذا مَشَت..................في عَطفِهِ الغَلواءُ لَم أَتَقَرَّبِ
أَنا مِن ضَميري ساكِنٌ في مَعقِلٍ.............أَنا مِن خِلالي سائِرٌ في مَوكِبِ
فَإِذا رَآني ذو الغَباوَةِ دونَهُ..............فَكَما تَرى في المَاءِ ظِلَّ الكَوكَبِ
إيليا أبو ماضي : أديب وشاعر لبناني ولد بالمحيدثة سنة 1889 .
بدأ تعلمه فيها ليسافــر إلى مصر حيث مكــث بهـا عشــر سنـــوات لممارسة التجارة، ومطالعة عيون الأدب العربي . تفجـرت قريحته الشعرية فألف ديوانه "تذكار الماضي ". هاجر إلى أمريكا وأصـدر منها جريدة "السمير" سنة 1916، وأسس مع جبران خليل جبران " الرابطة القلمية " سنة 1920 ، وأصدر هنـاك ديوانيـه : "الجداول " و" الخمائل " وافاه الأجل سنة 1957 .
إثراء الرصيد اللغوي:
في معاني الألفاظ :
الغاوي= الظالم.
طيالس= عباءات خضراء يرتديها خواص الناس (فارسية) .
سبسب: الأرض الوعرة البعيدة ،الصحراء القاحلة
الناجذ = سني
في الحقل المعجمي :
س: في أي مجال يمكن إدراج الألفاظ الآتية : " حــرٌ ، مهــذبٌ ، دافعــت ، شــددت ساعـــده ، متقرب ، ضميري ، أرحـــم " ؟
ج : يمكننا إدراجها في مجال مبادئ الأخلاق الفاضلة .
س: آت بأربعة ألفاظ يمكن إدراجها في مجال مضاد لها .
ج- من الألفاظ المضادة لها : أسير، سيء الخلق، غصبت ، خذلت..
في الحقل الدلالي:
س: وردت كلمــة " كريــم" في النــص بمعنى محــدد ، ما هـــو ؟ أوردها في جملتيـن مفيدتيــن من إنشائك بمعنييـــن آخريــــن .
ج- وردت لفظة "كريم" في النص بمعنى المتأصل أي من له أصل. وبمعنى الرفيع السامي .
أما معناها الآخران : فمعنى الكرم والجود في :
إن حاتم الطائي إمام الكرماء الجوادين . ومعنى : الحرية وعدم الخضوع في :
إن الكريم يؤذيـــه الأسير الذليـــــل .
كتشاف معطيات النص:
الموضـــوع الـذي شغــل بـــال الشاعـــر هي النزعـة الإنسانيــة في تجلي أخلاقهـا و حرية الإنسان ، ودفع الظلم عنه، وعدم الاغترار بالمظاهر .
من الألفاظ الدالـة على ذلك : حر، أحب ، مهذب ، أرحم ، يأبي فؤادي دافعت عنه ...
نظم الشاعر هذه القصيدة لما رأى فسـاد بعض الناس أخلاقــا فتحركت فيه نزعته الإنسانية تنشــد فاضــل الخلــق ، ورفيــع السلــوك.
لقد وجـه الشاعر دعــوة تتمثـــل في التسامح ، وعــدم الانخداع بمظاهر الناس ، وحمـل النفـس على الصبــر على مكـرهــــم . لأن من شأنـه أن يقرب الناس بعضهـم من بعض لبنـــاء مجتمـع إنساني فاضـــل .
من الصـفات التي أشاد بها : حب الحريـة ، والابتعاد عن الظلــم والتعصــــب والغصـــب لتطـــاول الوضعـــاء علــى الكرمـــاء وحــب المهذبيـــن من النـاس ، والرأفة بغيرهــم ، وعـدم الميــل إلى إيــذائهـــم ، وعــدم الانخـــداع للمظاهـــــر...
ومن الصفات التي أنكرها: خداع الناس ومخالفة المظهر للمخبر ، صغــــر عقول النـــاس ، التودد للمتكبـــرين ...
مـــن عواطـــف الشاعـــر المتنوعـــة : عاطفـــة حب النـــاس ، والتواضع لهـــم ، ومساعـدة الضعيـف ، وستـــر مساوئ النـــاس وعاطفـــة الاحتقـــار التـي تمثلـــت فــي نبــذ الظالمين المعتديـــن والمتعصبيــن ، وتطاول الضعفاء الأدنياء على الأقويـاء الكرماء .
مناقشة معطيات النص:
يوحي عنوان القصيدة بالذاتية ، وبالتسامي والعلــــو .
استعمل الشاعر ضميري المتكلم والغائب على وجه الخصوص لتعميق الصراع الدرامي بين الأنا العاقلة وهو الظالم المتعصب . وبين الأنا الموجبة وهو السالب .
تنوعـــت دلالات الغائـــــب بيـــن دلالـــة الظلـــم والتعصــــب ، ودلالة الدونيـــة الحقيـــرة ، ودلالة النفـــاق ، ودلالة التكبــــــر .
وظف الشاعر من الإضافات ما يلـــي : كــــل حـــر، مذهبــــي ، غير مهـــذب ، فـــؤادي ، حب الأذيـــة ، طباع العقـــرب ...
ومن أثرهــا على الدلالـــة أنه عمم الحرية لكل إنســان ، وإبــراز عقيــدة الشاعـــر في تملكــه المذهــب والفــؤاد عــن طريـــق يـــاء الملكية المضافـــة كما استفادت النفي بغير لنفـي الوسطيــة بين التهذيــب وغيـــره . كما ألحق إضافة الحــب للأذيـــة إلحاق اللــزوم ، وإلحــاق الطباع للعقــــارب إلحاق ثبــــات .
ومن النعوت ما يلي : الغاوي ، المتعصب ، خلب ، أجرب أشمط ، الضعيف العربي ...وجاءت هذه النعوت سواء أكان المنعوت ضميرا متصلا ، أو محذوفا مقدرا ، أم اسما ظاهـــرا لتثبيـــت الصفات .وجــاءت هـــذه النــعوت في بعدهــا السلبي إمعانـــا في لزومهــــا صغـــار النفـــوس والعقـــــول .
بين الأبيات 11،12، 13 علاقة تتمثـل في كثرة ضميـــر المتكلـم والمخاطـــب لتأكيـــد تلازميـــة الصداقـــة التي يــراها الشــاعـر والتي يدافـــع عنها ، وهــذه الثنائيـــة إيجابيـــة . وهــي تفصـح عـن مبدأ الصداقة الإنسانيـــة الحقـة .
تحديد بناء النص:
موقف الشاعر من علاقة الإنسان بأخيه الإنسان موقف إنساني إيجابي يدعو فيه إلى التسامي برفيع الأخلاق و أن يسامحه ويدافع عنه ويسانده , ويقف معه
آثـار ذلك في نفسـه وفي نفسي أن كلينا يسانــد الآخـــر ويتمنى أن يكون له صديقا ، فكلانا يدعو إلى مثل هذا المبدأ / الموقف .
نمط النــص : وصفي تعليلــي إذ يقــوم فيـه الشاعــر بتفسيـــر مبدئـــه وموقفه من العلاقة الإنسانية التي تحكم البشر ، ومن أهــم خصائص التأكيـــد ( كــل ) و ( إني ) لام التوكيـــد ( لأغضب ) ، الصفـــات ، والإضافـــات .
إخراج مجازين من النص :
المجاز المرسل في قوله : يأبى فؤادي علاقته الجزئية
قيمة التعبير به تمثلت في تنويع القول وتوضيح المعنى
الاستعارة المكنية : ... نزل البلاء حيث شخص المعنى حتى يصبح واضحا وظاهرا للمخاطب
تفحص الاتساق و الانسجام في النص:
يعود ضميـــر المتكلم في النص على الشاعــــــر .
يعود ضميرا المخاطب والغائب على القارئ ممثـــلا للمجتمــــع وضمير الغائب على المتجرد من فاضل خلق الإنسان ممثلا للشـــاذ من المجتمع كالظالم والمتعصب ....
لهذه الضمائر أثر متجـل في النص يتمثل في تعميـــق الصراع ، وتجلية الأفكار ، وإبراز العواطف والمشاعــــر...
تغير العائد عليه في ضمير المتكلم في قوله :"يا ليتني لم أذنب " في البيت السادس (6) ، والسبــب أن الشاعــر استطــاع أن يعـرف تأنيب ضمير المســيء الذي أساء للشاعر عندما لا يقابلــه بإســاءة مثلها فيقول مخاطبا ذاته (مونولوج ) يا ليتني لم أذنب مع الشاعر . ويكفي المســـيء تأنيـــب ضميـــره له .
من أهم القرائن اللغوية التي ربط بها بين أبياته لرسم مشاعــره وأفكاره : حروف العطف وحروف الجر ومنها الواو والبـاء بكثرة .
اشتملت القصيدة على التقابل والتضاد ومنه :
أغضب للكريم من دونه /= وألوم من لم يغضب ، والتضاد بيـن :
لأغضب = من لم يغضب ، الكريم =/ من دونه .
كل مهذب =/ غير مهذب – جنة =/ سبسب – أرى =/ لا أرى .
مقترب =/ لم أتقرب – ساكن في معقل =/ سائر في موكب .
أثرهما في المعنى : ساهما في توضيح المعنى وتوكيده
مجمل القول في تقدير النص:
انطوى على قيم متعددة أهمها : القيمة الاجتماعية والأدبية .
جسد الشاعر فيه مبادئ الرابطة القلمية ومنها : سهولة اللغة وأنسنتها ، توظيف مظاهر الطبيعة كبرق خلب ، العقرب ، جنة سبسب ، والابتعاد عن التكلف والتعقيد .
بـدت إنسانيــة التفكيـر لــدى الشاعـر معتبرا الأدب رسالــة إنسانية تقوم علـى إرسـاء دعائـم الحـق ، والخيـر والجمـال في الإنسان والطبيعة كليهما .
مطالعة موجهة : ثقافة أخرى
النص:
كم هي الأعوام التي انقضت منذ جلست آخر مرة، هنا، في مدينة توركي" على الشاطئ الجنوبي من آنجلترا، وهي مدينة ترقد بين البحر والجبل، وتنبت منازلها على السفوح الخضراء بالعشب والشجر، حتى لكأنها زهرات أخرجتها الطبيعة بيضاء وحمراء فكل شيء هنا متسق مع كل شيء، فلا السماء ارتفعت وحدها، ولا البحر انعزل، ولا استقل بكيانه الخاص جبل، أو شجر، أو طير، أو حيوان، أو منازل، أو إنسان ؟!! أطلت الجلوس ما أسعفتني ظروف الساعة أن تطيل .. والبصر زائغ هنا وهناك، يبحث في الناس عن الظواهر التي يمكن أن تتخذ علامات مميزة لما نسميه بثقافة " الغرب " الحديث ...وعندئذ خطرت لي خاطرة، في أن أعيد النظر في الصحيفة اليومية التي طويتها في يدي، لأرى" الغرب "على صفحاتها، فماذا فيها من صور لا تحدث إلا هنا ؟ وأخذت أقلب الصفحات، فإذا بالصور تتزاحم في كثرة لم أتوقعها .. وهاك بعض ما وجدته من صور الحياة في الغرب الحدیث، مأخوذا من صحيفة واحدة في يوم واحد: كنا قد شاهدنا ليلة أمس برنامجا في التلفزيون، يصور للناس قصة غريبة لسيدة في الستين من عمرها، أخذت تغري أمها التي أوشكت على التسعين، والتي سكنت غرفة في أحد بيوت العجائز الكثيرة التي أعدت لمن تقدمت بهم السن، ولحقهم مرض الشيخوخة دون أن يكون إلى جوارهم من يعينونهم على الحياة . أقول إن السيدة الابنة أخذت تغري أمها تلك بالانتحار حتى زينته لها فأحضرت لها في زيارتها الأخيرة أقراصا مخدرة لتضعها في شرابها حتى ينسدل على حياتها ستار الموت، وكانت الشرطة قد علمت بالجهود التي تبذلها الابنة في إقناع أمها بأن تنزع حياة نفسها بيديها، ولقد جاء النبأ إلى الشرطة عن طريق أخت لها، فترصدت الشرطة للسيدة، ووضعت جهازا تلفيزيونيا مستورا، يسجل زياراتها لأمها وما يدور بينهما من حدیث، حتى كانت تلك الزيارة الأخيرة، التي قدمت فيها الإبنة إلى أمها أقراص التخدير وقبض على الجانية عند خروجها من غرفة أمها - ولم تكن الأم قد فقدت حياتها بعد – وقدمتها الشرطة إلى المحاكمة، وهمت بالإنكار فصد موها بالشريط التليفزيوني الملون بكل ما دار وحدث في غرفة الأم، وحكم عليها بالسجن لمدة عامين. رأينا القصة كاملة ليلة أمس في التليفزيون، وأصبحنا هذا الصباح، فإذا بالصحيفة اليومية التي في يدي، تسجل ردود فعل غاضبة من الجمهور، يحتج فيها الناس عن نشر مثل هذه القصة الموجعة، وكان الأساس فيما أرسله القراء إلى الصحيفة هو " أخلاقية " هذا النشر، هل يجوز خلقيا أو لا يجوز؟ يقول أحدهم: إن السيدة الجانية قد حوكمت ونالت عقابها، فلماذا تحاكم مرة أخرى على الملأ؟ ويقول آخر: كيف يحق للتليفزيون أن ينشر الشريط الذي سجلته الشرطة سرا، دون أن يؤخذ رأي الجانية وذويها؟ ويقول ثالث: هل كان من حق الشرطة بادئ ذي بدء أن تصور حياة الناس على غفلة منهم ؟ وهكذا وهكذا. تلك – إذن - هي شريحة من حياة " الغرب " الحدیث، مما أعتقد أنه مستحيل الحدوث في حياتنا: فأولا يكاد يستحيل علينا أن نترك الأم في عجز شيخوختها لتسکن غرفة وحدها في بيت العجائز، فما دام لها البنات، فلا بد لإحداهن أن ترعاها، مهما ثقلت رعايتها على أفراد أسرتها، لاسيما والأم برغم شيخوختها الضعيفة لم يكن بها مرض ظاهر، ولم تكن فقيرة بحيث يعجز رعاتها عن نفقاتها، بل كانت ذات ثراء ليس بالقليل. لقد أنعم علينا الله بثقافة ترفض رفضا مثل هذا التحجر في القلوب، فالعلاقات الرابطة بين أفراد الأسرة عندنا توشك أن تكون أمرا مقدسا لا تدنسه أبالسة الشر والطمع إلا في حدود ضيقة يقتضيها ضعف الطبيعة البشرية آنا بعد آن، وأما من حيث " المبدأ " فنحن بحمد الله ننعم بالدفء في علاقاتنا الأسرية، وكان كلا منا قد أمن الكوارث بفضل أفراد أسرته، الذين قد يظن بينهم التباعد، ولكن ما أن تكرث أحدهم الكارثة حتى تراهم قد التفوا حوله من حيث يدري ولا يدري. وأعود إلى الصحيفة اليومية في يدي، لأستعيد قصة امرأة خرجت من السجن لتوها بعد أن أمضت بين جدرانه أربعة أسابيع، لماذا؟ لأنها نذرت حياتها للحيلولة بين الثعالب وصائديها، فها هنا ما زال صيد الثعالب في الغابات هواية محببة للقادرين عليها، فقالت هذه المرأة لنفسها: كيف يجوز للإنسان مطاردة حيوان ليلهو؟ أليست تلك الثعالب کائنات حية أراد لها خالقها أن تحيا ؟ ومن هذه العقيدة عند المرأة ، انطلقت لتنفق جهودها وأموالها في معاكسة اللاهين بمطاردة الحيوان وصيده فرفع بعضهم دعوى إلى المحاكم لما ناله من ضرر، وحكمت عليها المحكمة بالسجن أربعة أسابيع، خرجت بعدها بالأمس، لتعلن في الصحف أن لن تكف عن الدفاع عن الحياة في أية صورة كانت، ولينلها من عنت القضاء ما ينالها، ولم يفتها أن تندد بالعدالة في بلادها، إذا كان معناها قد انحدر في أذهان القائمين عليها إلى هذا المنحدر المشين. وإذن فهذه شريحة أخرى من حياة" الغرب"، فيها المثل الأعلى، وفيها الإصرار على الجهاد في سبيل ما يقيمه الإنسان لنفسه من نماذج المثل العليا، ولعل هذا الجانب من حياة " الغرب "تؤيده قصة أخرى في هذه الصحيفة اليومية نفسها، عن امرأة شابة تطلعت إلى أن تجوب منطقة صحراوية في قلب أستراليا، فذهبت وحدها واستأجرت أربعة جمال، وكان معها كلبها، وظلت تتحسس طريقها هناك أربعة أشهر، تكشف لنفسها الجديد، فما رهنت لها عزيمة، ولا أغراها شبابها أن تحيا حياة المتعة في المدن، وبمثل هذه العزائم تبنى الحضارات.. جمعت هذه الأشتات بعضها إلى بعض، وهي أشتات مأخوذة من صحيفة واحدة في يوم واحد، فألفيتها تصور مناخا ثقافيا ليس بينه وبين مناخنا الثقافي شبه، لا من قريب ولا من بعيد، فخرجت بنتيجة مؤكدة، وهي ضرورة أن يكون لكل ثقافة قومية معاييرها الخاصة، بالإضافة إلى المجال المشترك الذي يجب أن يتفق فيه الناس جميعا، وأعني به مجال العلوم وأشباهها، ومن هذه وتلك تكون صورة العصر.
إكتشف معطيات النص:
يطرح الكاتب مشكلة الثقافة و اختلافها من مجتمع لآخر فلا يمكن أن تتوحد ثقافة الأمم إلا في جانب من جوانبها و هي العلوم التي تعتبر مجالا مشتركا يجب أن يتفق فيه الناس جميعا و السبب في اختلاف الثقافات هو اختلاف العادات و الديانات و المبادئ من مجتمع لآخر فما يمكن أن يكون مقبولا مصوغا في مجتمع لا يمكن أن يكون كذلك في مجتمع آخر.
إذن نحكم على ثقافة أمة بالإيجاب أو السلب تبعا لمعاييرها الخاصة فمناخها الثقافي الغربي ليس بينه و بين الثقافة العربية أي صلة لا من ريب و لا من بعيد و لذلك نحكم على ثقافة أمة بالسلب أو الإيجاب تبعا لمعاييرها الخاصة.
نمط النص: فيه الحجاج ،السرد و الإخبار
ينتمي النص إلى أدب المقال
المقال: لغة: مكان أو موضع القول
اصطلاحا: البحث القصير في اللغة أو الأدب أو السياسة أو الاجتماع و تنوع المقالات بحسب طبيعة الموضوعات التي تعالجها فهناك المقال الاجتماعي ، السياسي، الأدبي ، النقدي ... و كل مقالة لا بد لها من مقدمة، عرض و خاتمة
هيكلة هذا النص:
المقدمة: من بداية النص إلى: فماذا فيها من صور لا تحدث إلا هنا ؟
العرض: من: و أخذت أقلب إلى: و بمثل هذه العزائم تبنى الحضارات
الخاتمة: من: جمعت إلى آخر النص
نص تواصلي : النزعة الإنسانية في الشعر العربي المعاصر
تمهيد : الشعر ظاهرة في الحياة الإنسانية، قد لا نجد دليلها العلمي في اللغة، بقدر ما نجده في طبيعة الإنسان، وامتزاجه بالحياة من خلال الزمان والمكان.
والشعر قبل أن يكون أبحرا وعروضاً وقوافي، هو إلهام ومقدرة على الغوص في أعماق النفس الإنسانية.
التعريف بصاحب النص : محمد كوجان شاعر سوري من محافظة حماة كثير الاهتمام بالكتابة للأطفال له ديوان شعر تحت عنوان «هيا نلعب يا أطفال» وكتابات أخرى كثيرة منها دراسات في النقد ، ومنها أخذ النص الذي بين أيدينا.
النص:
إذا تأملنا شعرنا العربي وجدناه يزخر على امتداد عصوره بأشعار تطفح بالمشاعر الإنسانية النبيلة الصادقة طارت لها شهژة في الآفاق، وأولاها الباحثون والدارسون اهتماما وعناية خاصين .وإحصاء تلك الأشعار أمر عسير نظرا لكثرتها، ولعل ضرب بعض الأمثلة كاف للإشارة إلى تلك النزعة الشعورية الراقية .أذكر في هذا المضمار قصيدة ابن الرومي في رثاء ولده التي يقول فيها
بني الذي أهدته كفاي للثرى فيا عزة المهدي ويا حسرة المهدي !
عجبت لقلبي کيف لم ينفطر له ولو أنه أقسى من الحجر الصلد
وفي هذا السياق نتذكر رثاء المتنبي جدته، ورثاء جرير زوجته، ورثاء محمود سامي البارودي أم أولاده
یا دهر فيم فجعتني بحليلة كانت خلاصة عدتي وعتادي
إن كنت لم ترحم ضناي لفقدها أفلا رحمت من الأسى أولادي
أفردتهن فلم ينمن توجعا قرحی العيون رواج في الأكباد
لو كان هذا الدهر يقبل فدية بالنفس عنك لكنت أول فاد
وكذلك رثاء شوقي جدته . إذا تلك الأشعار في أغلبها كانت صادرة عن نفس مفجوعة بقريب لها ذي رحم، أما الأشعار التي تتناول الإنسان كائنا له منزلته، تصور الامه وتبلور أحلامه وتبرز إحساسه، فأشعار قليلة بالمقارنة مع بقية ضروب النظم وأغراضه في شعرنا العربي لاسيما الحديث كقصيدة" الشرید" لعلي الجارم وقصيدة إيليا ميخائيل نعيمة " النفس الشقية 1945 م." (واحد من ولعل الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي 1875) قلة من الشعراء الذين نزعوا في شعرهم هذه النزعة الإنسانية الصادقة الفياضة بالتعاطف والتألم والتفجع بمآسي أولائك المعذبين البائسين، والتطلع إلى تخليصهم من آلامهم ومواساتهم في محنهم وازماتهم نجد ذلك النزوع بارزا في قصائده " أم اليتيم" ،" المطلقة "، " الأرملة المرضعة "، " اليتيم في العيد " ، دار الأيتام"، "الفقر والسقام"، " اليتيم المخدوع" ، " ثالثة الأثافي"، "أم الطفل في مشهد الحريق." وتتبلور نزعة الرصافي في أساليب كثيرة . فهو يرسم الشخصية المتألمة من الخارج فيصور تلك الشخصية، ملابسها، شحوبها، دموعها، صوتها، مسكنها، عويلها..، وصفا دقيقا كأنه الصورة الفوتوغرافية من ذلك وصفه الخارجي لليتيم في قصيدته " اليتيم في العيد: "
صبي صبيح الوجه أسمر شاحب نحيف المباني أدعج العين أنزع
ويرسل من عينيه نظرة مجهش وما هو بالباكي ولا العين تدمع
له رجفة تنتابه وهو واقف على جانب والجو بالبرد يلسع
وهو ينفذ إلى أعماق تلك الشخصية البائسة المنكسرة المحزونة، يبلور ما تحسبه ويستخرج ذلك الركام من الأحاسيس المفعمة بالمرارة والكآبة والألم والضنك والأسى في سياق شعوري متناغم مع ذلك الوصف الخارجي .. فمن قصيدة "أم الطفل في مشهد الحريق"، يسمعنا الشاعر انات وعويل أم احترق طفلها، فما كان منها إلا أن أخذت تولول وتصرخ وتلطم خديها وحق لها ذلك في حال أقرب إلى الجنون وهي تقول
إني تجردت من دنياي خاسرة مالي سوى طفلي الباكي بها مال
أودي الحريق بدار أسكنها وكنت من بعضها للقوت أكتال
یا رب قد ضقت ذرعا بالحياة فما أدري حناني کربي كيف أحتال
وهو بارع في طرح تلك المشكلات الملحة المؤلمة التي تشكل في حقيقتها مأساة الإنسانية جمعاء في صراعها مع الفقر والبؤس والمرض والتشرد والجوع والخوف والاضطهاد ، يبرع شاعرنا في تصوير معاناة أولئك البائسين في قالب قصصي سردي مشوق تتوافر فيه عناصر القصة كاملة من بداية وتطور ونهاية وحل. وهذه قصيدة تنبض بكثير من المشاعر الإنسانية الصادقة وتتجلى فيها رقة الشاعر وإحساسه المفعم الفياض الصادق بآلام المعذبين المقهورين المحرومين قصة فقير معدم يدعی بشیرا، كان يعمل أجيرا ليله ونهاره، ليس له في هذه الدنيا إلا أخت حنون اسمها فاطمة، أصيب بمرض القلب، وانتهى به المطاف إلى الموت:
قالت الأخت : أم سلمی أنظریه ثکلت روح أمه وأبيه
فرأت منه إذ دنت نحو فيه نفسا مبطئ التردد فيه
ثم قد غاله الردي باقتضاب و جمت حيرة وبعد قليل
رمقت فاطما بطرف کلیل فيه حمل على الغراء الجميل
أيها الواقفون لا تهملوه دونكم أدمعي بها فاغ سلوه
ثم بالثوب ضافيا گفنوه وادفنوه لكن بقلبي أدفنوه
وإذا تأملنا ما سبق وجدنا فيضا من الرقة والشعور بآلام الآخرين . وليكن كما يراد له شعرا يحمل رسالة للبشرية جمعاء تدعو إلى الخير والحب والصلاح والسلام والتعاون والوئام، فلا سدوم هم تؤرق بالا ولا إسار حرمان يهصر مهجا ولا دكون ألم يمنع انبلاج مسرة.
اكتشاف معطيات النص:
من الشعراء العرب الذين جسدوا النزعة الإنسانية قديما جرير وابن الرومي والمتنبي .
كانت مجرد انطباع عابر نتيجة تجربة خاصة , لأن الشعراء قديما تحدثوا عن أشخاص لهم علاقة بهم.
معروف الرصافي من الشعراء العرب الذين جسدوا النزعة الإنسانية في شعرنا الحديث .
عبر ابن الرومي في المقطع المذكور في النص عن عزة ابنه الميت وعن حسرته هو.
عبر البارودي في المقطع المذكور في النص عن حسرته وبناته نتيجة وفاة زوجته.
سلط كاتب النص الضوء على معروف الرصافي لأنه واحد من قلة من الشعراء الذين نزعوا في شعرهم هذه النزعة الإنسانية الصادقة الفياضة بالتعاطف والتألم والتفجع بمآسي أولئك المعذبين البائسين والتطلع إلى تخليصهم من آلامهم وماساتهم في محنهم وأزماتهم .
استطاع هذا الأخير أن يحقق النزعة الإنسانية في الشعر العربي الحديث لأن شعره فيض من الرقة والشعور بآلام الآخرين , وهو شعر يحمل رسالة للبشرية جمعاء تدعو إلى الخير والحب والصلاح والسلام والتعاون والوئام.
مناقشة معطيات النص:
ليس من السهل على الأديب أن يغوص في أعماق النفس البشرية ويحللها إلا إذا استطاع أن ينفذ إلى أعماق تلك الشخصية البائسة , إضافة إل براعة الوصف , والقدرة على طرح المشكلات
لم تتبلور النزعة الإنسانية بشكل كبير في الشعر العربي القديم رغم إحساس الشعراء المرهف لأنه كان مرتبطا بأشخاص محددين من ذلك هذه الأبيات التي ترثي بها الخنساء أخاها صخرا :
أعينـيّ جودا ولا تجمُـدا ألا تبكيانِ لصخرِ النّدى ؟
ألا تبكيانِ الجريءَ الجميلَ ألا تبكيانِ الفَتى السيّـدا؟
طَويلَ النِجادِ رَفيعَ العِمـادِ سـادَ عَشيـرَتَهُ أَمرَدا
إذا القـوْمُ مَـدّوا بأيديهِمِ إلى المَجـدِ مدّ إلَيهِ يَدا
نعم يستطيع الشعراء أن يسهموا في تغيير مآسي الإنسان بواسطة الشعر.
الدخول إلى أعماق النفس البشرية والتعبير عن نوازعها وأفكارها ومعاناتها وبغضها وحبها وما يكتنفها من مشاعر وأفكار من أصعب ألوان التعبير ، فهو كما يقول أحد النقاد: (أنا أعتقد أن الصعود إلى القمر أبسط بكثير من الدخول في أعماق النفس البشرية والتعبير عنها).
نشرت مجلة 'الرسالة' لأحمد حسن الزيات مقالا للباحث المصري كمال نشأت عن 'الجانب الإنساني' في شعر أبي ماضي وشعر جماعة من شعراء المهجر الشمالي اللبناني ورد فيه: 'وأما شعرنا العربي القديم فقد جانب هذا الاتجاه (يريد الاتجاه الإنساني)، وان ظهر، فلمع هنا وهناك'. ولكنها لمع خالدة رائعة تدل على أن العرب القدماء عرفوا هذا الجانب الإنساني الذي عرفه المعاصرون، وأنهم بلغوا به ذرى عالية..
الاستخلاص و التسجيل:
في الأبيات المأخوذة من قصيدة (أم الطفل في مشهد الحريق) ينفذ الشاعر إلى أعماق تلك الشخصية البائسة المنكسرة المحزونة؛ يبلور ما تحسُّ به ويستخرج ذلك الركام من الأحاسيس المفعمة بالمرارة والكآبة والألم والضنك والأسى في سياق شعوري متناغم إذ يسمعنا الشاعر آنات وعويل أم احترق طفلها في حريقٍ شبَّ فلم تبق ناره ولم تذر، فما كان منها إلا أن أخذت تولول وتصرخ وتلطم خديها وحق لها ذلك في حالٍ أقرب إلى الجنون.
الفكرة العامة للنص:
بعض مظاهر النزعة الإنسانية في الشعر العربي المعاصر.
بروز النزعة الإنسانية في الشعر العربي المعاصر.